(38) الإسلام… في ميلاد الرسول
إذا كان هذا حال الإنسان مع مخلفاته اللازمة لوجوده وبقائه، واللازمة لوجود سائر المخلوقات فيه، فما بالنا بحال الميكروبات والفيروسات والفطريات والطفيليات، المنتشرة في خلايا الجسم، والتي تصل إلى عشرة ميكروبات وكائنات دقيقة على الخلية الواحدة وفي داخلها في الحد الأدنى.
فالإنسان الذي وزنه مائة كيلو جرام وفيه مائة تريليون خلية، يحتوي على ألف تريليون ميكروب وفيروس وفطر وطفيل، الواحد منهم أقوى من فيروس كورونا بعشرات ومئات وآلاف المرات، معنى هذا أن الإنسان مملوء عن آخره بحشد ضخم وهائل من الميكروبات والكائنات الدقيقة.
وكل هذه الكائنات الدقيقة وكل ما يدب على الأرض ولا نراه مسيرة في نطاق التسيير، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته، مما جعلها تشارك في بناء الكون ووجوده في إطار الإسلام.
قال تعالى: “وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ” (النحل: 49).
لكن لماذا وجدت هذه الكائنات الدقيقة في جسم الإنسان؟ فالكائنات الدقيقة، لها وظيفة ودور في حماية الإنسان وضبط ميزان الكون والحفاظ على وجوده، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ، كمية المخلفات الناتجة من تفاعل هذه الكائنات الدقيقة، والتي تعيش مع الإنسان عيشة تكافلية وتكاملية فتحميه وتفيده وتستفيد منه، دون أن تتحول إلى أمراض مزمنة أو حادة، إلا في حالة واحدة وهو ضعف الجهاز المناعي فيصاب الجسد بكل الأمراض.
أمَّا إذا كان الجهاز المناعي قوي وجبار، فلا تحدث أي خروقات من هذه الكائنات الدقيقة، وتظل على حالتها المسالمة ولا يصاب الجسد بالأمراض، فأين تذهب مخلفات هذه الكائنات الدقيقة؟
إنها تذهب إلى الكون والفضاء ولها مسارات مختلفة في الأرض، تحافظ على وجود الأرض وتحميها من خلال الطاقة المنبعثة منها في كل الاتجاهات.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالكائنات الدقيقة أعلنت استسلامها لله، فكان له دور محوري وفاعل في ضبط ميزان الكون في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر