(70) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم
المرحلة النورانية الخامسة في جمع القرآن الكريم، هي التي اطلع فيها جبريل عليه السلام، على النسخة الأصلية من القرآن الكريم، كتاب مكتوب في كتاب، كتابًا وقرآنًا عربيًّا، في بيت العزة في السماء الدنيا، جملة واحدة، مرتبًا ومنسقًا، بأحرفه، وكلماته، وآياته، وأجزائه، وأحزابه وسوره، البالغة مائة وأربعة عشرة سورة.
وجبريل عليه السلام، ملك نوراني من الملائكة الكبار، الذين خلقهم الله سبحانه وتعالى من نور، لا يراهم أحد من البشر، إلا بمواصفات خاصة، وهو ملك نوراني سماوي، مخلوق من نور، لقب بالروح الأمين، وبروح القدس، وهو رسول من الله سبحانه وتعالى، نزل بالوحي بأمر من الله سبحانه وتعالى، إلى سائر الأنبياء والمرسلين، ثم نزل بالقرآن الكريم، على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
الركن الثاني
والله سبحانه وتعالى جعل الإيمان بالملائكة، الركن الثاني، من الأركان الستة للإيمان به سبحانه وتعالى، وهي الإيمان بالله، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره حلوه ومره، لأنها غيب مطلق عن البشر مثل الروح، ومثل غيب الله سبحانه وتعالى.
والملائكة مخلوقات نورانية، تسكن في السماء وفي الملأ الأعلى، ومنهم الموجودون في الأرض، والمكلفون بحماية آدم وأبنائه ومراقبتهم عن كثب، على عكس الجن المخلوق من نيرانية النور، فهو نارمن قبس من نور، فالجن نيراني نوراني، وعلى عكس الإنسان ترابي نوراني والمخلوق من التراب والنور.
وليس للملائكة اختيار مثل الجن والإنس، بل هي مخلوقات مسيرة في طاعة الله سبحانه وتعالى وتسبيحه، وكانت موجودة قبل خلق الجن والإنس، وهي لا تأكل، ولاتشرب، ولا تتزواج ولا تتناسل، ولا يوجد بينهم ذكورة ولا إنوثة، ولا يعتريهم النقص ولا التعب ولا العيب، وتتشكل الملائكة في مجموعات تأخذ كل الأشكال وكل الأحجام، سواء كانت أشكال ملائكية أو أشكال بشرية.
قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌا) فاطر 1.
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم” رواه مسلم.
طاعة الملائكة
والملائكة، لا يصيبهم ملل ولا كلل ولا ضيق، في بذل الطاعة لله سبحانه وتعالى، ولا تقل قوتهم ولا تفتر همتهم ولا تضعف عزيمتهم عن عبادته في الليل والنهار، مصداقًا لقوله تعالى: (وَلَهُ مَنْ فِي السموات وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)) الأنبياء 19- 20
وصفهم الله سبحانه وتعالى، بالعباد المكرمين، يعملون طبقًا لأوامره، ولا يخرج أحد منهم عن طاعته، فهم مسيرون وليسوا مخيرون، مصداقًا لقوله تعالى: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)) الأنبياء 26– 29.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
2 تعليقات