(127) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم
بعد أن أخذ الله سبحانه وتعالى، العهد على النصارى بالإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى، ونبوة عيسى، تكلموا عن التثليث في الأب والابن وروح القدس، ووقعوا في الكفر والشرك والضلال.
قال تعالى: (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) المائدة 14.
استأمن الله سبحانه وتعالى، بني إسرائيل على التوراة فحرفوها، وحاربوا رسولهم ونبيهم موسى عليه السلام، وحاولوا قتله، وأستامن الله سبحانه وتعالى، بني إسرائيل على الإنجيل فحرفوه، وحاربوا رسولهم ونبيهم عيسى عليه السلام، وحاولوا قتله، وحارب العرب رسولهم ونبيهم محمد صلي الله عليه وسلم، وحاولوا قتله، فهل يستامن الله سبحانه وتعالى، العرب على جمع وحفظ القرآن الكريم كما أستأمن بني إسرائيل على حفظ التوراة والإنجيل فحرفوهما؟ بالطبع لا.
العرب وبني إسرائيل
هذا إذا أخذنا في الاعتبار، أن العرب وبني إسرائيل، هم أبناء وأحفاد، إبراهيم عليه السلام، وبالتإلى فهناك رباط عضوي جيني وراثي بين العرب وبين بني إسرائيل، وهناك رباط عضوي وجيني بين فراعنة مصر، وهم الأصل، وبين فراعنة العرب في شبه الجزيرة العربية، وهم الفرع، وكلاهما حاربا موسى ومحمد عليهما السلام، وحاولا منع وصول الدعوة، إلى الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى إلى أقوامهم.
كما أن هناك ارتباط روحي، بين دعوة موسى عليه السلام للفراعنة في مصر، إلى الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى بعد إدعاء الفرعون الألوهية، وتعدد الألهة والوثنية في مصر ، وبين دعوة محمد صلي الله عليه وسلم للعرب الفراعنة، في شبه الجزيرة العربية، إلى الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى، وترك عبادة الأصنام.
فكانت المواجهة بالدرجة الأولي للفراعنة في مصر، مع دعوة موسى عليه السلام، ثم كانت المواجهة الثانية للفراعنة العرب في مكة المكرمة بالدرجة الثانية، في شبه الجزيرة العربية، وقت نزول القرآن الكريم، الذين يمثلون أحفاد للفراعنة، وكانوا إمتداد للفراعنة في مصر، لذلك عاملوا محمد صلي الله عليه وسلم، معاملة الفراعنة لموسى عليه السلام.
تحريف التوراة والإنجيل
وإذا كان بني إسرائيل، قد حرفوا التوراة والإنجيل، فهل يترك الله سبحانه وتعالى، القرآن الكريم للعرب، كي يجمعوه ويحفظوه، وهل يعهد الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم، إلى أحد من البشر مخلوق ومجموع، إلى حفظه وجمعه بعد الذي حدث في التوراة والإنجيل ؟ بالطبع لا ، وهل يعهد الله سبحانه وتعالى، القرآن الكريم، إلى أحد من المخلوقات الملائكية، وهو مخلوق ومجموع مثل جبريل عليه السلام، بالطبع لا.
لذلك تولي الله سبحانه وتعالى، جمع القرآن الكريم، وحفظه في اللوح المحفوظ، قبل نزوله إلى الأرض، وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد حفظه وجمعه في السماء إلا يجمعه ويحفظه في الأرض؟ ، فكان من الطبيعي، أن يتولي الله سبحانه وتعالى، حفظ القرآن الكريم وجمعه، على غرار الحفظ والجمع الأول في اللوح المحفوظ ، قال تعالى : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ) البروج 21- 22.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر