(130) الكلمة الفصل… في جمع القرآن الكريم
هناك سؤال يطرح نفسه بشدة، وهو: هل كان من الممكن أن يجمع جبريل عليه السلام وحده القرآن الكريم؟.. وهل في مقدوره جمعه في كتاب مكتوب في كتاب باللغة العربية، كتابًا وقرآنًا عربيًّا، دون أوامر مباشرة من الله سبحانه وتعالى؟ بالطبع لا لماذا؟
لأن جبريل عليه السلام، ملك مكلف بالأمر المباشر من قبل الله سبحانه وتعالى، بنزول القرآن الكريم، كتابًا وقرآنًا عربيًّا.
وبالتالي لا يمكن أن يقوم بجمع القرآن الكريم، لأنه لم يطلع على النسخة الأصلية للقرآن الكريم في اللوح المحفوظ، بل اطلع على نسخة منسوخة من النسخة الأصلية من القرآن الكريم في بيت العزة في السماء الدنيا، جملة واحدة، كتابًا مكتوبًا في كتاب باللغة العربية، كتابًا وقرآنًا عربيًّا مرتبًا ومنسقًا بأحرفه وكلماته وآياته وأجزائه وأحزابه وسوره، البالغة مائة وأربعة عشر سورة.
جمع القرآن الكريم
فكان يجب أن يكون الجمع جملة واحدة، كتابًا مكتوبًا في كتاب باللغة العربية، بعد نزوله مفرقًا مرتبًا ومنسقًا بأحرفه وكلماته وآياته وأجزائه وأحزابه وسوره، البالغة مائة وأربعة عشر سورة، وليس في إمكانية جبريل عليه السلام، أن يقوم بهذه المهمة أو أن يفعل ذلك وحده، بالرغم من مكانته عند ربه، لأنه ببساطة لم يطلع على النسخة الأصلية للقرآن الكريم، في اللوح المحفوظ.
وهل كان من الممكن، أن يقوم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وحده بجمع القرآن الكريم، دون جبريل عليه السلام؟ بالطبع لا، لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يطلع على النسخة الأصلية للقرآن الكريم، جملة واحدة مرتبًا ومنسقًا كتابًا مكتوبًا في كتاب باللغة العربية، كما هو في اللوح المحفوظ أو في النسخة المنسوخة من النسخة الأصلية للقرآن الكريم في بيت العزة، وكان يجب أن يكون الجمع جملة واحدة، بعد نزوله مفرقًا، على غرار الجمع في اللوح المحفوظ وليس في إمكانيات الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يفعل ذلك وحده، بالرغم من مكانته عند ربه.
وهذا معناه أيضًا، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان ينفذ أوامر ربه، ولا يمكن أن يخرج عنها قيد أنملة، لكن إذا حدث منه ذلك، وقال كلامًا لم يقله الله سبحانه وتعالى، في القرآن الكريم، فكان التهديد والوعيد بالتمثيل به وقطع منه الوتين وهو الشريان الأورطي، الذي يخرج من القلب، ويمد الجسم بالدم والأكسجين النقي والتهديد بقطع الوتين، معناه فقدان محمد صلى الله عليه وسلم، لكل من قوته ومعها حياته في لحظة واحدة.
قال تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) الحاقة: 44- 47.
تحذير قرآني
وهذا معناه أيضًا، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يجرؤ على فعل أمر أو نهي، إلا من خلال تعليمات من الله سبحانه وتعالى له، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يستطيع جمع القرآن الكريم، وفي طياته هذا التحذير القرآني شديد اللهجة الموجه له، فهل يستطيع أن يقوم الصحابة رضوان الله عليهم بجمع القرآن الكريم.. بالطبع لا؟
فكل الآيات القرآنية، تؤكد حقيقة أن القرآن الكريم، كتابًا وقرآنًا عربيًّا، كان كتابًا مكتوبًا في كتاب باللغة العربية، في الملأ الأعلى قبل نزوله إلى الأرض، ثم نزل إلى الأرض كتابًا مفرقًا، ثم أعيد جمعه في كتاب مكتوب في كتاب باللغة العربية، بعد نزوله على نسق الجمع الأول في اللوح المحفوظ، بواسطة الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا) الإسراء: 106
وإذا كان جبريل عليه السلام، أمين السماء ومحمد صلى الله عليه وسلم أمين الأرض، لا يمكن لأحدهما أو كلاهما جمع القرآن الكريم، جملة واحدة، كتابًا مكتوبًا في كتاب باللغة العربية مرتبًا ومنسقًا بأحرفه وكلماته وآياته وأجزائه وأحزابه وسوره، البالغة مائة وأربعة عشر سورة، فهل يستطيع الصحابة رضوان الله عليهم، ببشريتهم أن يجمعوا القرآن الكريم؟ بالطبع لا.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد