(13) نهر النيل في… الإسلام
تعدى الفرعون كل الخطوط الحمراء مع أنه بشر، فكان مصيره إلى الهلاك بعد أن سلك مسلك الشيطان بعد أن فقد عقله وغواه شيطانه وجعل على قلبه غشاوة، فكان مصيره إلى الغرق في البحر الأحمر، وهذا مصير كل طاغية وجبار لا يدرك فضل ربه عليه ولو كان من عامة الناس، فما بالك بالحكام الطغاة.
فجنَّ جنون الفرعون وفقد توازنه وأخذ يرغي ويزبد ويتصرف تصرفات بهلوانية، كالثور الهائج والشاة المذبوحة، بعد ادعائه الألوهية مع أنه بشر، فادعى ادعاء لم يدعه أحد قبله، فجاءه الرد سريعًا بوقوع العذاب عليه وعلى قومه.
قال تعالى: “فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى” (النازعات: 21- 26).
صحيح لم يقل الفرعون، أنه الله أو أنه ابن الله، كما أدعى بني إسرائيل من بعده، أن عيسى هو الله أو ابن الله، فصدر بني إسرائيل اسم الله الأعظم في الذات والصفات والأسماء والكلمات، ولكنه ادعى أنه الرب الأعلى بصفة الربوبية في الخلق والنشأة وليس في صفة الألوهية في الذات والصفات.
بني إسرائيل تعدوا الخطوط الحمراء
لذلك قبح الله فعل الذين قالوا بالتثليث أو أن الله له ولد من بني إسرائيل.
قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا) النساء: 171.
فكان ادعاء بني إسرائيل من النصارى عن عيسى أخطر بكثير وأشنع من ادعاء الفرعون عن نفسه، وكانت دعوة الفرعون بالربوبية محدودة في مصر، ولم تخرج منها إلى دول العالم المختلفة، بينما دعوى بني إسرائيل بأن عيسى هو الله خرجت إلى العالم، لذلك كفر الله من يدعي أن عيسى هو الله.
قال تعالى: “لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عليه الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ” المائدة: 72.
فالأيام دول، فبالرغم من الرفاهية التي عاشها الفراعنة والتقدم والرخاء، الذي أحدثوه في كل مجالات الحياة في وفرة ماء النيل وذهبه، إلا أنهم لم يتمكنوا من الحفاظ على حضارتهم، فانهارات أمام أعينهم بسبب ضلالهم وكفرهم وهو نموذج بشري يتكرر على مدى القرون، من آدم عليه السلام وحتى قيام الساعة على مستوى الأفراد والأمم، مما يعني أنه لا ملجأ من الله سبحانه وتعالى إلا إليه.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر