(63) نهر النيل في… الإسلام
فسر يوسف عليه السلام الحلم في السجن الذي رآه ساقي الملك وخبازه وفيه أن الساقي سوف ينجو ويخرج من السجن ويعود إلى عمله مرة أخرى في بلاط الملك، أمَّا الخباز فسوف يُحكم عليه بالإعدام وتحققت نبوءة يوسف عليه السلام.
قال تعالى: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) يوسف: 36.
وعندما تحققت نبوءة يوسف عليه السلام، بسلامة الساقي وإعدام الخباز، أدرك الساقي صدق يوسف عليه السلام في تأويل الرؤيا.
قال تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ) يوسف: 41.
ساقي الملك
أوصى يوسف عليه السلام ساقي الملك الذي خرج من السجن، بأن يَذكره عند الملك بعد العودة إلى العمل في بلاطه ويحكي له قصته مع عزيز مصر بوتيفار، الذي سجنه ظلمًا وعندما استعان يوسف بالساقي ولم يستعن بالله، بقي يوسف في السجن سبع سنين أُخرى.
قال تعالى: (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) يوسف: 42.
عادت الأيام إلى طبيعتها في حياة ساقي الملك، الذي عاد إلى وظيفته الأولى ومارس نشاطه اليومي في سقيا الملك، ولكنه ظلَّ متعلق بزميله الخباز، الذي أعدم بناء على تأويل يوسف عليه السلام للرؤيا، والذي لم يفارقه في خياله طوال الوقت أثناء ممارسة عمله وفي نفس الوقت، لم ينسَ يوسف عليه السلام الذي سيطر على تفكيره، خاصة بعد صدقه في تفسير الرؤيا التي رآها هو والخباز والتي كانت سبب في إنقاذه وقتل الخباز.
مفاجأة كبرى
دارات الأيام دورتها في بيت الملك والساقي قائم على وظيفته في بلاط الملك إلى أن حدثت المفاجأة الكبرى، فتناقل إلى أسماعه من أخبار الملك، أن ملك مصر قد رأى رؤية خطيرة، ولم يجد أحد كي يفسر له هذه الرؤيا، التي جعلت الملك حزينًا ومكتئبًا ومنطويًّا على نفسه ويفكر فيها طول الوقت.
كان الملك يعتقد أن هذه الرؤيا تؤكد أن مصر وشعبها، قادمين على أمر خطير وجلل ولكن لم يستطيع أحد من مفسري الأحلام من إقناع الملك بتفسير رؤياه، التي حولت حياته إلى جحيم لا يُطاق، خاصة بعد أن فشل كهنة المعبد الفرعوني آمون في تفسيرها، ففكر الساقي بسرعة في إنقاذ الملك وإخراجه من حزنه العميق، فدله على يوسف عليه السلام، الذي صدق من قبل معه في تفسير رؤياه وهو معه في السجن.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر