(65) نهر النيل في… الإسلام
بعد أن وصف يوسف عليه السلام الداء قدم الدواء في روشتة للعلاج في صورة دواء، فطلب من الملك أن يأمر رجاله بتخزين الحنطة من القمح الفائض عن حاجة الناس في أعوام الرخاء السبعة الأولى في سنابل القمح، حتى لا تفسد حباته وتحافظ عليه من العفن، وطلب من الملك أن يأمر الناس، باستهلاك كميات قليلة من القمح في حده الأدنى وعند الحاجات الضرورية للطعام.
وبالرغم من وفرة الطعام لا يجب التبذير فيه، حتى يتمكن من تغطية سنوات القحط السبعة المقبلة بهذا الفائض من القمح في أعوام الرخاء السبعة، فيتم السيطرة على قلة القمح والطعام في سنوات القحط، ويمنع من وقوع مصر وشعبها في المجاعة، وكذلك الدول من حولها، وفي نهاية العام السنوات السبعة للقحط والجفاف، يأتي عام يفيض فيه الزرع بالقمح ويتراكم بالحصاد ويزيد عن حاجة الناس.
كان هذا التفسير العلمي المقتضب من يوسف عليه السلام لرؤيا الملك، والمناسب للواقع والمقبول بالمنطق العقلي والفهم الرمزي المعتبر لتسلسل الأحداث في مصر، يتطابق بشكل فريد ومذهل مع تفسير رؤيا الملك وحلمه، وكان دليل صدق على نبوة يوسف عليه السلام وانتصاره للإسلام في دعوة المصريين إليه.
وكان لتفسير الرؤيا دور محوري في تجديد الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى، الراسخ في قلب مصر وعقلها والمتشبع في وجدان المصريين وأوعيتهم الدموية من عصر مصرايم وأبناءه الذي حمل راية التوحيد إلى مصر من جده نوح عليه السلام، والذي أكده إبراهيم عليه السلام الحفيد العاشر لنوح عليه السلام عند زيارته إلى مصر، في عهد الملك سنوسرت الثالث في أصدق الأقوال.
خاصة أن أساسات الدعوة إلى الإسلام ومساراتها، متجزرة داخل المجتمع المصري والفرعوني، ولكن كان من طبيعة عبدة الأوثان والأوصنام تحريف قضية الإيمان، من أجل أن يلبسوا على الناس دينهم، فكان كهنة المعبد للإله آمون، الذي تم تحويره من كلمة الإيمان، وبدلًا من تعظيم الله والسجود له، سجدوا للصنم الذي تم تحريف اسمه من كلمة الإيمان.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر