(77) نهر النيل في… الإسلام
كان هناك إصرار عجيب وغريب من الإنجليز في تمكين إثيوبيا عام 1902، من احتلال منابع النيل وبحيرة تانا والنيل الأزرق، الموجودة في بني شنقول العربية السودانية بالقوة المسلحة في عهد ملك إثيوبيا منليك الثاني، ثم مكنوا اليهود من احتلال فلسطين عام 1948، في خطة عمرها قرن من الزمان بدأت بوثيقة هنري كامبل باترمان.
فتم حصار مصر من الجنوب في منابع النيل ومن الشمال في فلسطين التي دارات فيها معارك طاحنة لتأمين شمال مصر في فلسطين، في معارك مجدوا وقادش وحطين وعين جلوت، وكانت أرض المعركة في عهد الفراعنة وفي عهد الإسلام، في كل هذه المعارك الفاصلة، تدور رحاها على أرض فلسطين.
نجاح المخطط الغربي
هنا نجح المخطط الغربي في فصل مصر، عن بعدها الإفريقي في الجنوب، ونجح في فصل مصر عن بعدها العربي، في الشمال في آسيا وإفريقيا، بعد أن تم زرع إسرائيل في الشمال، على أرض عربية في فلسطين، كما زرعت إثيوبيا الحبشة في منابع النيل في الجنوب على أرض عربية في إقليم بني شنقول السوداني.
ومن ثمَّ السعي الجاد والعمل الدؤوب، من أجل بعثرة مصر ومقدراتها، وإحكام قبضتها عليها في الجنوب والشمال، ومن ثمَّ إثارة الفوضى في ربوعها، على جميع المستويات العلمية والسياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية والزراعية والصناعية والسياحية وغيرها، حتى لا تقوم لها قائمة بواسطة أتباعها الذين زرعتهم في كل شبر من أرضها.
ولم يفوتوا فرصة عليها إلَّا بالسعي الجاد والمنطقي إلى تخلفها في كل وسائل الإنتاج، حتى لا تستطيع الوقوف على قدميها مثل جنوب شرق آسيا والصين وسنغافورة وغيرها من الدول الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، بعد أن رضي حكامها بالدونية، وقبولهم دور صغير ومحدود وهامشي، لا يتناسب مع موقع ومكانة مصر المرموق وسط الكرة الأرضية، بأبعادها السبعة.
فتمكن الغرب وأعوانه في الشرق من زعزعة استقرارها ودفن نفسها بنفسها، بعد إغراق مصر وشعبها، فلا يتمكن الواحد منهم النجاة من الغرق، ولا حتى يفقد حياته بالغرق، كل ذلك من تخطيط بني إسرائيل، بالرغم من أن مصر في نيلها حمت موسى وعيسى عليهما السلام، وفي بحرها الأحمر غرق الفرعون.
دور النيل في إنقاذ موسى وعيسى
أنقذ الله سبحانه وتعالى، بنهر النيل موسى وعيسى عليهما السلام ومعهما بني إسرائيل من الفرعون المصري، الذي حاول تدميرهم ومن هيرودوس الروماني الذي حاول قتل عيسى وأمه عليهما السلام، وها هي دائرة الانتقام تدور، مرة أخرى من قبل بني إسرائيل وجرائمهم الممتدة على مدار ثلاثة آلاف سنة على مصر وشعبها.
نسخة مكررة ومعادة وصورة طبق الأصل من طبيعة المعركة الدائرة على مدار ثلاثة آلاف عام، ولكن بوجه آخر وملامح أخرى ظاهرها أكثر وضوحًا من كل الذي فات، حتى غدى الكون يكاد ينطق، بكل ما حدث بين نهر النيل وموسى عليه السلام والفرعون من أحداث جسام، وما يدبر في العلن والخفاء لمصر ونهر النيل وشعبها، من بني إسرائيل في القرن الحادي والعشرين.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر