مقالات

 (84) نهر النيل في… الإسلام

كان الهدف من رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، حماية المسيح في طفولته من بطش هيرودوس به وحماية المسيحية ونبيها، حيث عانت هذه العائلة معاناة شديدة، من أجل التخفي عن أعين جنود هيرودوس وأتباعه المنتشرون في كل مدن مصر وكما تروي المصادر المختلفة، أنهم زاروا أكثر من 30 منطقة في شمال وجنوب مصر، ومثلهم في العودة وكان وسيلة المواصلات الأساسية وتكاد تكون الوحيدة في عبورهم المتكرر في ركوبهم نهر النيل.

ومن هذا المنطلق يمكن أن نستنبط بالدليل القاطع والواقع على أرض الواقع، على حماية نهر النيل لعيسى عليه السلام، كما تؤكد هذه الحماية بشرية عيسى عليه السلام في هذه الرحلة الطويلة من فلسطين إلى مصر، وهو الهدف من استعراض مسار العائلة المقدسة، من مدينة بيت لحم بفلسطين إلى مصر ثم العودة مرة أخرى إلى مدينة الناصرة بفلسطين.

الهدف من رحلة العائلة المقدسة إلى مصر

فلم يسمع أحد في هذه الرحلة، إلا عن بركات المسيح عليه السلام، ولم يقل المسيح نفسه في إحدى هذه المحطات، أو تلك الجولات أنه إله أو أنه ابن إله، ولم يسجل عنه شيء مقروء أو مكتوب في كل الأماكن التي زارها، على أنه يدعي الألوهية، مما يؤكد بالدليل الواقع على أرض الواقع أنه بشر.

وكان عيسى عليه السلام في رحلته مع أمه إلى مصر، يتعامل مع الناس على أنه بشر، يجوع ويأكل مثل باقي البشر ويعطش ويشرب مثل باقي البشر، وكانت أمه تغسل جسمه وحمومه وهو طفل مثل باقي الأطفال، وكانت تغسل له ملابسه مثل باقي الأطفال، وكان يقوم ويمشي وينام ويتخفى ويختفي من جنود هيرودوس مثل باقي البشر، وبعد كل هذا يتحدثون عنه، أنه إله أو ابن إله، فهل هذا معقول؟

وكل تصرفات عيسى عليه السلام وأقواله وأفعاله، في مراحله العمرية المختلفة، تؤكد أنه بشر، حتى معاملة أمه مريم عليها السلام له في كل أحواله، تؤكد أنه بشر ومعاملة يوسف النجار له، تؤكد أن عيسى ابن مريم بشر، ولا يمكن بأي حال من الأحوال، أن يكون إله ولا ابن إله.

عيسى نبي وليس إله

فكيف يحمي نهر النيل عيسى على أنه إله أو هو الله، إن لم يكن يحميه كبشر كما أن مريم عليها السلام، لم تقل إن عيسى هو الله أو هو ابن الله ولم يقل يوسف النجار كافل عيسى عليه السلام إنه إله او ابن إله ، وفي الرحلة المقددسة إلى مصر، لم يسجل عن عيسى عليه السلام، شيء يقول فيه إنه الله او إنه ابن الله.

ومن الواضح أن الحديث عن نهر النيل، وعن موسى وعيسى عليهما السلام، كان في أرض مصر ولم يكن في إثيوبيا ولا في السودان، مما يؤكد أن نهر النيل خلق من أجل مصر، وأنه هبه من الله لمصر، وهذا ما أكدته رحلة نبين من أولي العزم من الرسل، موسى وعيسى عليهما السلام عبر نهرالنيل.

رحلة الأنبياء من فلسطين إلى مصر

من العجيب في رحلة الأنبياء من فلسطين إلى مصر، إبراهيم ولوط ويعقوب ويوسف وسليمان وعيسى عليهم السلام، لم يكن بالحديث أو الرحلة العابرة، وإنما كان لها أبعاد خفية، أهمها تأكيد الرباط الاستراتيجي بين وجود مصر ووجود فلسطين في الدنيا، فلا وجود لمصر دون فلسطين ولا وجود لفلسطين دون مصر، فهما كالروح والجسد، ودونهما لا وجود ولا حياة للعرب ولا ظهور للإسلام والمسلمين.

كما تؤكد عمق العلاقة بين مصر وفلسطين وتؤكد مسئولية مصر في الدفاع عن أمنها القومي في فلسطين، كما كان يؤمن الفراعنة مصر من الجنوب في نهر النيل، ومن الشمال في فلسطين.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »