(143) نهر النيل في… الإسلام
لخصت هذه الوثيقة ذات البنود الأربعة، حال وموقف الغرب بشقيه الأوروبي والأمريكي، وحددت موقف زعماءه ومفكريه ومنظريه ومناصريه، تجاه العالم الإسلامي منذ قرن من الزمان حتى الآن، وتم تسجيلها وإعلانها من خلال خريطة صريحة واضحة المعالم، والتي تبنتها وثيقة هنري كامبل بترمان.
وتمخض هذا الاجتماع الرئاسي بين الدول الغربية، عن رسم الخطوط العريضة لهذه الوثيقة، والتي سُميت بوثيقة هنري كامبل باترمان، تم إرسالها إلى الجامعات الأوربية، لأخذ الرأي والمشورة، من أجل الحصول على إجماع غربي بين ثلة من الخبراء السياسين الذين يمثلون الشعوب الغربية دون تزوير أو تزييف وبين ثلة من الخبراء والعلماء وأصحاب الفكر في الجامعات الأوربية.
القتال ضد العالم الإسلامي
والذين صدَّقوا جميعًا على بنود هذه الوثيقة ووضعوها موضع التنفيذ، من الألف إلى الياء على مدى قرون في منازلة حقيقية ومواجهة عملية شاملة، قائمة ودائمة ومستمرة وممنهجة، للقتال ضد العالم الإسلامي بلا نهاية، بعد نهاية الحروب الصليبية، مصداقًا لقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة: 217.
كانت بنود هذه الوثيقة، بمثابة إعلان حرب على العالم الإسلامي وحروب لا تنتهي على جميع المستويات، والتي أعلن عن جزء منها بشكل واضح وصريح ومعلن، ولكن أيضًا بشكل مخيف ومرعب ومدمر للعالم كله بشكل عام، والعالم العربي والإسلامي بشكل خاص، والتي تمخض عنها دخول العالم الإسلامي في عشرات ومئات من الحروب المحلية والإقليمية والدولية وتم تشريد وقتل عشرات ومئات الملايين من البشر، من أجل تحقيق بنود هذه الوثيقة، وعلى إثرها حول الغرب العالم كله إلى كومة من التراب، بعد الحرب العالمية الثانية.
الحرب ضد الدول العربية والإسلامية
لكن الأمر العجيب في هذه الوثيقة، أنه تمَّ صياغتها وتطبيق بنودها بدم بارد من قبل الساسة والخبراء، دون التطرق إلى القيم الغربية بدعوى حقوق الإنسان أو حتى التشدق بالحريات أو الخوف من العقاب في الدنيا، على ما آل إليه حال العالم، إنَّما كان هدف الآباء المؤسسون في هذه الوثيقة، هو تطبيق بنودها بحذافيرها حتى لو أدى ذلك إلى تدمير العالم، طالما يملكون القوة في العلم، والعلم في القوة.
لكن ما هي البنود المعلنة من هذه الوثيقة الجهنمية، التي مكنت الغرب وأعوانه بعد انهيار الامبراطورية الإنجليزية من بسط نفوذه في الشرق الإسلامي، وفرض وجوده بالقوة العسكرية القاهرة، وفرض أجندته السياسية بالقوة الناعمة وإرادته الاقتصادية بالعلم والمعرفة على مقدرات العالم، من أجل أحكام السيطرة على العالم وفي قلبه العالم الإسلامي.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر