(32) إشراقات… رمضانية
كان من نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان بعد أن حفظه بالضرورات الخمسة المادية والضرورات الخمسة المعنوية، أن مكنه من حماية نفسه من كل أعدائه المتربصين به في كل خلاياه وأنسجته وأعضائه وأجهزته من الفيروسات والميكروبات والفطريات والطفيليات، وغيرها بمئات التريليونات من الكائنات داخل وخارج جسم الإنسان، مما يهدد حياته بالوجود والبقاء في الحياة، فوهبه جهاز مناعي قوي وجبار يحمي الجسم ويدافع عنه ويحجم من خطر كل هؤلاء الأعداء عليه.
ولذلك خلق الله سبحانه وتعالى هذا الجهاز المناعي المحكم والقوي والجبار، داخل جسم الإنسان حتى يحميه من شرور كل أعدائه المتربصين به، فيحمي حياته بالبقاء ويمنعها من الانهيار حتى يظل قادرًا على مواجهة كل التحديات، وكل هذا الطوفان الخطير من أعدائه الكثر المعروف منهم القليل والمجهول منهم الكثير.
الجهاز المناعي يساعد الإنسان في حماية نفسه
ولا يتوانى الجهاز المناعي البشري المسلح بإحداث ترسانات الأسلحة الربانية والتي يتم صيانتها وإصلاحها وتطويرها ومدها بأحدث التقنيات على مدار الثانية وأجزائها ولا يتردد لحظة من تقديم خلايا استشهادية، تضحي بنفسها في مواجهة الفيروسات والميكروبات وغيرها ومقاومتها بعنف وشراسة منقطعة النظير، من أجل الحفاظ على كيان الجسم، فيضحي الجزء من أجل الحفاظ على الكل، في أرقي عملية للإيثار والتضحية على مستوى الجهاز المناعي قلما تجد لها مثيلًا على المستوى الإنساني إلا ما ندر.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، لأن قوة الجهاز المناعي تنبع من قدرته الاستخباراتية في تتبع أخبار الخصم من الفيروسات والميكروبات وغيرها ومعرفة حجم القوة التي يتمتع بها ومدى إمكانياته وجهوزيته والتقنية التي يملكها وبحوزته ويتحكَّم فيها من حيث الكم والكيف والأماكن التي يرتادها داخل الجسم.
وتوفر له الحماية حتى يتمكَّن من الاختباء، ومعرفة طرق الاحتيال والخداع التي يمارسها من خلال فحص دقيق ودائم للبصمة الوراثية لمئات التريليونات من الخلايا على مدار اللحظة، بحيث يتمكن من إجراء عملية فرز كاملة لكل خلايا الجسم، لمعرفة مكان اختباء هذه الكائنات الغريبة من فيروسات وميكروبات وغيرها.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر