(33) إشراقات… رمضانية
وجود الجهاز المناعي بقوة وحضور على مستوى الخلايا والأنسجة والأعضاء والأجهزة، يُعطيه القدرة الذاتية على المتابعة الدائمة، للتعرف على الكائنات الغريبة عن الجسم وتحديد أماكنها التي تحاول الاختفاء داخلها، فيتمكن من الوصول إليها بعد التعرف عليها ومهاجمتها بعنف وسحقها بقوة والقصاص منها، فتكون عبرة لمن خلفها بعد ما طالها من قوة الجهاز المناعي وكأنها لم تأتِ إلى الحياة.
ولذلك فإنَّ قوة الجهاز المناعي وجهوزيته وسهرة على مدار اللحظة، من أجل الحفاظ على جسد الإنساني المادي صحيحًا وخالٍ من الأمراض، تعتمد بالدرجة الأولى على وجود إنسان قوي يملك قوت يومه ويحتوي على الغذاء المتوازن ولو في حده الأدنى، حتى يتمكَّن من مقاومة الأمراض وينتصر عليها بالضربة القاضية.
الخلايا والأنسجة
وقدرة الجهاز المناعي لا تعتمد فقط على التطوير الدائم لنفسه في مواجهات التحديات التي يتعرَّض لها ويواجهها في وجود أجيال جديدة مميكنة من الفيروسات والميكروبات، تستخدم كل وسائل الدفاع والهجوم وكل طرق الحيل والخداع، لصد الجهاز المناعي والحد من خطره عليها والهروب منه عند اللزوم.
ولكن أيضًا في قدرته على مهادنة الفيروسات للتعرَّف عليها، مستخدمًا قدرته اللا محدودة في التعرف على لغة الخلايا وفهم الرسائل المشفرة، التي تبعث بها الخلايا وتحليلها، ورد الفعل القادر على مواجهة النتائج المترتبة على الهجوم المضاد ضد كل الأعداء المحتملين، فتقوم بالعمل معها من أجل حمايتها والدفاع عنها، بل ورفع حالة الطوارئ إلى الدرجة القصوى في حالة وجود خطر محدق يُهدِّد كيان الإنسان في حياته ووجوده.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالبرغم من وجود مئات التريليونات من الميكروبات في خلايا الجسم وأجهزته المختلفة، إلا أن الجِهاز المناعي يقضي عليها ويمنعها من اختراق الجسد تحت المعادلة الصفرية لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه، فتكون المحصلة صفر.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر