(54) إشراقات… رمضانية
نجد أنَّ الهدف من مسيرة الأنبياء والمرسلين من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم، هي في تنبه الغافلين من البشر عن مرادات الله سبحانه وتعالى، من خلق الكون والحكتور ياة، من أجل التغلب على كل عناصر الشر في نفس الإنسان وإبراز كل عناصر الخير والحب والإيثار والتضحية، للعبور الآمن من الدنيا إلى الآخرة بنجاح، قال تعالى: “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا” (الشمس: 6- 10).
والإقلال من شأن المثبطين لعزائم البشر في التغلب على النفس الأمارة بالسوء والإعلاء من النفس الأمارة بالخير، استعلاء على نزوات الشيطان وحبائله ومكره وخداعه بعد أن نبهنا الله سبحانه وتعالى إلى كراهيته للإنسان، منذ الأزل وعدم وضع مصالحه في الاعتبار بعد اللقاء الأول بين آدم والشيطان والذي تعهد فيه الشيطان بإذلال آدم وإهانة ذريته وإضلالهم على مسمع ومرأى من كل الخلائق، بعد رفضه الخضوع لأوامر الله سبحانه وتعالى قال تعالى: “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ” (البقرة: 34).
أهمية الإعلاء من شأن الإنسانية
والحد من تصرفات المعوقين لكل عمل نبيل، يهدف بالدرجة الأولى إلى الإعلاء من شأن الإنسانية وترقيتها ورفع من منزلتها ومستواها الأرضي من المادي الترابي إلى مستواها الملائكي والنوراني، وهذا واضح وجلي في الإسلام في العقيدة والعبادة والمعاملة المنطلقة، من أركان الإسلام الخمسة في الشهادتين والصلاة والزكاة وصوم رمضان والحج والتي تتحوَّل إلى معاملة تصب في نهاية المطاف في مصالح البشرية جمعاء، فتشحذ همم السائرين في طريق الله وتشحنهم بطاقة دائمة، كي يتمكنوا من التغلب على مصاعب الحياة بخيرها وشرها وحلوها ومرها، انتظارًا للحظة الفراق ثم العرض على الله في الآخرة، ليأخذ كل إنسان حقه على رؤوس الأشهاد، حيث إن الآخرة هي الحياة الدائمة والتي يعيش فيها الإنسان مع الله سبحانه وتعالى، بعد أن ترك العيش بأسبابه في الدنيا، مصداقًا لقوله تعالى: “وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الآخرة لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (العنكبوت: 64).
الهدف من مسيرة الأنبياء والمرسلين
والهدف من الإسلام الذي نعرفه هو الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى والإيمان بوحدانية الرسالة المنبثقة عن أنبيائه ورسله وتقويم سلوك الإنسان وإصلاح معاملاته مع الآخر من أجل تعزيز مسيرة الخير والنماء والأمن والأمان والاستقرار المؤقت في الدنيا.
وهذا فيه إعجاز عظيم يهدف بالدرجة الأولى إلى الحفاظ على المصلحة العامة لكل الناس والإقبال على الله سبحانه وتعالى والبعد عن مسالك الشيطان وخداعه التي وجهنا الله إليها، وحذرنا من الوقوع فيها على لسان أنبياءه ورسله من أجل العبور الآمن إلى الآخرة، حيث لا عودة لبعضها وسيجازي الجميع كل حسب عمله، فإمَّا جنة أبدًا وإمَّا نارًا أبدًا.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر