(8) مصر… في الحج
حمل نهر النيل معنى النهر ومعنى البحر في وقت واحد، فهو نهر وهو بحر وهذه ميزة وصفة خاصة، خصها الله سبحانه وتعالى، وخصصها لنهر النيل دون غيره من أنهار الأرض، فبالرغم من حمله للماء العذب على امتداده، إلا أنه حمل في طياته صفة البحر في طوله واتساعه.
لكن لماذا أعطى الله سبحانه وتعالى هذه الصفة المزدوجة لنهر النيل؟.. فهو نهر وبحر وكأن ماءه العذب يأتِ من بحره المالح، وكلاهما متصل بالأنهار والبحار في الجنة، كما تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج، بأنه رأى نهر النيل ينبع من الجنة.
وهل تسمية نهر النِيل باليم مع أنه نهر ماءه عذب، له علاقة بجغرافية اسم هاجر عليها السلام والتي حمل اسمها على طول نهر النِيل وامتداده بمائه العذب في المبنى وماءه المالح في المعنى، والذي يمده بالماء العذب وهو على شكل زهرة اللوتس، والتي يؤخذ شكلها نهر النيل من المنبع إلى المصب، مما يعني ربط جغرافية نهر النيل بالمكانة الدينية لهاجر عليها السلام.
مكانة نهر النيل المميزة في مصر.. يحمل معنى النهر ومعنى البحر
وهل هذا يجعل نهر النِيل، يملك المكانة المتميزة لمصر، بأبعادها الاستراتيجية الأربعة، التي خصَّ الله بها مصر في البعد الجغرافي والبعد التاريخي والبعد الحضاري والبعد البشري، وهذه الأبعاد الأربعة تعتمد على نهر النيل جزئيًّا وكليًّا، وتعتمد عليها مصر في وجودها على مدار عشرات القرون وحدوث خلل في أي بعد من هذه الأبعاد يؤثر على مكانة نهر النِيل الذي يمر في قلبها، ويؤثر على وجود مصر وحضارتها في الماضي والحاضر والمستقبل.
لذلك يملك نهر النيل روح مصر وجسدها، بملكه لهذه الأبعاد الاستراتيجة والتي بها تحيا مصر وتعيش ومن غيرها لا قدر الله لا وجود لها، ومن هنا كانت أهمية تقييم ومكانة نهر النِيل عند عامة الشعب بشكل عام، وعند المسئولين بشكل خاص، الذين لا يدركون أهمية النهر الخالد، وعظم المسئولية في الحفاظ على نهر النيل وحمايته، لأنَّه يُمثل روح مصر وجسدها.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يبرز مكانة نهر النِيل عن الله سبحانه وتعالى، فيعطيه الصفة المزدوجة للنهر والبحر، وكأن ماءه العذاب من مائه المالح.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر