(48) مصر… في الحج
كان لهذا المعنى العظيم الذي قالته هاجر عليها السلام لإبراهيم عليه السلام “إذًا لن يضعنا الله”، نقطة البداية وأثر كبير في توالي شرائع ومناسك الحج الواحدة تلو الأخرى، في سلسلة متصلة الحلقات بأمر من الرحمن على يد هذا الثلاثي المؤمن بربه والمخلص لدينه.
وهذا دليل على الثقة الكاملة، التي أولوها في الامتثال لأوامر الله، فاختصرت هذه العبارة “إذًا لن يضيعنا”، كل مسيرة الحج من أولها إلى آخرها، قبل أن تبدأ رحلتها في مكة ومع الكعبة المشرفة، بعد رفع عنها الغطاء بكن فيكون.
بعدها بدأ تفعيل دور الثلاثي “إبراهيم وإسماعيل وهاجر عليهم السلام” في وضع اللبنات الأولى لمناسك الحج وشرائعه والتي بدأت، عندما حمل إبراهيم زوجته هاجر وابنها إسماعيل عليهم السلام إلى مكة المكرمة، في مكان لا زرع فيه ولا ماء ولا بشر يسكنونها أو يعيشون فيها.
شرائع ومناسك الحج
وعندما ترك إبراهيم زوجته هاجر وابنها الرضيع إسماعيل في هذا المكان المقفر ومعهما القليل من الماء والقليل من التمر، ثم عاد إبراهيم متجهًا صوب فلسطين، سألت هاجر إبراهيم عمًا، إذا كان هذا التصرف شخصي منه، لذلك أحضرها وابنها إلى هذا المكان المقفر، أم هو أمر من الله، فقال لها إبراهيم نعم إنه أمر الله، فقالت بلسان الواثقة من ربها وحكمته “إذًا لن يضعنا”.
وعندما سكنت هاجر ووحيدها إسماعيل، عليهما السلام في مكة المكرمة وبالقرب من المكان الذي سوف تبنى عليه الكعبة المشرفة، التي انهارت من قبل، بفعل الفيضان الذي حدث في زمن نوح عليه السلام فاختفت الكعبة التي بنتها الملائكة من على ظهر الأرض في مكة المكرمة.
حتى يرجع الله الفضل للإنسان في بناء الكعبة من جديد، فقيض الله سبحانه وتعالى، هذا الثلاثي “إبراهيم وهاجر وإسماعيل عليهم السلام” في رفع القواعد من جديد، على القواعد القديمة التي بنتها الملائكة، فانتقل هذا الفضل وذلك الشرف العظيم والمتمثل في بناء الكعبة المشرفة ورفع قواعدها من الملائكة إلى الإنسان، فوقع الاختيار على هذا الثلاثي المؤمن في بناء بيت الله الحرام.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، أن يكون لهذا الثلاثي المؤمن “إبراهيم وهاجر وإسماعيل عليهم السلام” بالله الدور البارز والمحوري في بناء الكعبة المشرفة قبلة المسلمين إلى قيام الساعة.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر