(90) الإسلام… في ميلاد الرسول
خلق الإنسان معجزة كبرى وآية عظمى من آيات الله، التي تجعل الكافر والملحد والمشرك والمنافق، يخر ساجدًا لعظمة الله، الذي جعل هذه الخلايا والأنسجة والأعضاء والأجهزة، مسخرة لخدمته في إطار التسيير، من أجل الحفاظ على صحته وحياته في الحياة.
قال تعالى: “لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ” (التين: 4).
وإذا كان الله، قد منح الإنسان اليدان اللتان يعمل بهما ويدير بهما كل شؤون حياته، ويتناول بهما الطعام ومنحه الرجلين، كي يمشي عليهما ويتمكن من العمل بيديه بمساعدتهم، ولكنه في نفس الوقت أعطاه فم واحد، حتى يكفيه الطعام من عمل يد واحدة، ويوفر بعمل اليد الأخرى الزائد عن حاجته، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
خلق الإنسان معجزة كبرى
وحدوث خلل واحد في آلية عمل هذه الخلايا، يحول حياة الإنسان إلى جحيم لا يطاق، فما الذي يحدث للإنسان إذا لم يتمكن من إخراج البول والبراز، وما الذي يحدث له إذا لم يتمكن من التخلص من العرق أو إذا فقدت عينه الدموع أو إذا لم يتمكن من العطس أو فقد اللعاب أو فقد الحركة والإحساس.
وما الذي يحدث في الخلق والتكوين، لو أن اليدين أو الرجلين، حلت محل الأذنين أو حلت الأذنين محل اليدين والرجلين، وما الذي يحدث لو أن العين أو الأنف أو اللسان، كانت في الجبهة أو في الخدين، ما الذي يحدث لون أن خلايا المخ والقلب والرئتين كانت ظاهرة على الجلد مثل الشعر وغيره؟
وما الذي يحدث لو حدث خلل في الجينات الوراثية، التي تنتقل بين الأجيال من الآباء إلى الأبناء والأحفاد، في كل مكونات الخلايا والأنسجة والأعضاء والأجهزة التي تديرها هذه الجينات الوراثية وتحمل الصفات الوراثية للذكورة والأنوثة، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
بل وما الذي يحدث إذا حدث خلط بين الذكورة والأنوثة، فالذكر يحمل في داخله الصفات الوراثية للذكورة ولكن يحمل في مظهره الخارجي، الصفات التي تتصف بها المرأة أو يحدث العكس، فتظهر المرأة بالأنوثة ولكن في داخلها الذكورة، فيحدث خلل عنيف في حياة الإنسان.
إن وجود التأقلم بين الصفات الذكرية للرجل والمرأة في الظاهر والباطن، أمر ضروري وحيوي للحفاظ على حياة الجنسين وغياب هذا التأقلم بين الظاهر والباطن، يحول حياة الجنسين إلى جحيم، قد ينتهي بالتخلص من حياتها بالانتحار.
العلاقة بين الروح والجسد
كما أن وجود تأقلم بين الروح والجسد، أمر لازم وضروري لاستمرار الحياة، فكلاهما يتفق مع الآخر، وكلاهما يحب الآخر ويعشقه ويحافظ على وجوده متمثل في كيانه كإنسان، بالرغم من أن الجسد ترابي معتم والروح نورانية شفافة، إلا أنه لو حدث خلاف بينهما، ينفك عري الاتصال، فيذهب الجسد إلى التراب وتذهب الروح إلى خالقها وتنتهي حياة الإنسان في الأرض، على إثر هذا الخلاف بين الروح والجسد.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالحفاظ على صحة الإنسان وعمل أجهزته في صمت واضح وجلي في كل حياته من الألف إلى الياء، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر