(9) الإسلام… في ميلاد الرسول
كانت دعوة القرآن الكريم إلى مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن ودعوتهم إلى الإسلام، وتذكيرهم بأن التوراة والإنجيل التي نزلت على موسى وعيسى عليهما السلام، كانت من أجل إعلان الولاء لله، والإيمان بأنه إله واحد لا شريك، وأن جميع الخلق له مسلمون.
قال تعالى: “الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عليهمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عليهمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (الأعراف: 157).
وهذا معناه أن مضمون هذه الآية الكريمة، قد جمعت بين الإسلام الوصفي والإسلام العلم، قال تعالى: “وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إلىنَا وَأُنزِلَ إلىكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (العنكبوت: 46).
دعوة القرآن الكريم إلى مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن
فالإسلام الوصفي نزل على الأنبياء والمرسلين من آدم إلى عيسى عليهم السلام، بينما الإسلام العلم، نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وبنزول الإسلام جمع بين الإسلام الوصفي والإسلام العلم، فأصبح الإسلام وصفًا للأمم السابقة وعلمًا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي نفس الوقت جمع الإسلام بين الإسلام الوصفي والإسلام العلم.
وفي محور الإسلام ومركز دائرته، تأكيد الإيمان بأن الله واحد لا شريك له، عند المسلمين وعند أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
قال تعالى: “قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ علىنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (آل عمران: 84).
الإسلام الوصفي محصورًا في الإيمان بجميع الأنبياء والرسل
وهذا معناه أن الإسلام الوصفي، محصورًا في الإيمان بجميع رسل الله وأنبيائه، وعدم التفريق بينهم، بينما أصبح الإسلام علم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بعد أن انتقل إليهم ميراث النبوة من إبراهيم، بشقيه إسماعيل وإسحاق، إلى محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا يمثل أمر جوهري في صلب الإسلام، الذي يمثل كل من الإسلام الوصفي والإسلام العلم.
فالإسلام الوصفي يتمثل في الإيمان برسالات الله جميعًا، التي حمل لوائها الأنبياء والرسل، من ربهم، بينما الإسلام العلم يمثل في جوهرة رسالة الإسلام، والذي أصبح الإسلام الذي يمثل الإسلام بشقيه الوصفي والعلم.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، أن تجمع هذه الآيات القرآنية المعنى المقصود للإسلام الوصفي والإسلام العلم والذي يجمع في نهاية المطاف الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر