(47) إشراقات… رمضانية
انظر إلى هذه الآية الكريمة التي تربط بين سرعة استجابة هذه الحواس الثلاثة “السمع والبصر والجلد”، للشهادة على صاحبها في الدنيا بتقارير موثَّقة ومشفوعة بأدلة دامغة وقرائن واضحة بواسطة الخلايا الملونة فيها، مما يعني وجود الرابط الجنيني بين هذه الحواس الثلاثة في وجود الخلايا الملونة.
وفي الآية الكريمة قال تعالى: “حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عليهمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (فصلت: 20).
واستغراب صاحب الجلد من شهادة جلده عليه، تدل على حمقه وجهله وعدم حسن تقديره للأمور في الدنيا كما فعل جلده معه، ولذلك نطق الجلد ورد على صاحبه بأنَّه كان جاهزًا للشهادة عليه ومعدًا لكل ملفاته بدقة.
فهذا ملف للسرقة وملف آخر للرشوة وملف ثالث للتزوير وملف رابع للكذب وملف خامس للفساد وملف سادس للخيانة، وهكذا بالصوت والصورة والفيديو في وجود كاميرات خفية في الجلد والشعر والأظافر وسائر الخلايا مهمتها تسجيل دقيق وممنهج لكل حركات الإنسان وسكناته وعلى مدار اللحظات.
والشخص الذي وزنه مائة كيلو جرام، فيه مائة تريليون خلية، كل خلية تكون لسان ويُمثِّل الجلد فيها 16%، يعني 16 تريليون خلية للجلد، فتنطق خلايا الجلد على صاحبها بعد تحولها إلى 16 تريليون لسان، فكل مجموعة من الخلايا تنطق بالملف المكلفة به، فكم تكون عدد الأصوات التي سوف يسمعها من جلده، مع العلم أن الله سبحانه وتعالى الذي خلق اللسان من خلايا تتكلم في أول خلقه قادر على أن يحول كل خلية من خلايا الجلد إلى تريليونات من الألسنة كي تنطق معًا، معلنة الولاء لله سبحانه وتعالى والتخلي عن صاحبها والشهادة عليه أمام ربه.
السمع والبصر والجلد.. سرعة استجابة الحواس الثلاثة
وهذا فيه إعجاز هائل، فالشهادة الواضحة في هذه الآية، تؤكد الرقابة الذاتية لخلايا الجلد على سائر خلايا الجسم وتحولها إلى لسان قوي ناطق ورد خلايا الجسم عليها 84 تريليون لسان، بكل ما صنع الإنسان في حياته.
قال تعالى: “وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ علىنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإليه تُرْجَعُونَ” (فصلت: 21).
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر