ذرة الهيدروجين وإعجاز خلق الكون “1”
ذرة الهيدروجين تعتبر أصغر ذرة في الكون وتتكون من بروتون يُمثل الشحنة الموجبة في نواتها، ومن إلكترون يدور حول النواة في مدارات مختلفة حولها، مكونًا الشحنة السالبة، وكلا الشحنتين يعتمد عليهما بقاء ذرة الهيدروجين قوية ومتماسكة فيمنعانها من الانهيار.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر أكد أن ذرة الهيدروجين تمثل المكون الأكبر للماء، عند اتحادها مع ذرة الأكسجين، فالمنتج النهائي بذراته اللانهائية تكوين جزيئات من الماء، والذي يمثل فيه الهيدروجين بذرتين ) ( H2، بينما يمثل فيها الأكسجين بذرة واحدة( O ) .
ومن ذرة الهيدروجين ( H )، حدث الرتق والفتق، كما يُسميه خالق الكون، الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، أو كما يسميه علماء الفيزياء والفلك بالانفجار العظيم، منذ خمسة عشرة مليار عامًا تقريبًا، فكان الكون.
حيث يعتبر غاز الهيدروجين المكون الرئيسي للكون، فسمي بالغاز الكوني، والذي يمثل أكثر من 90 % من مكونات الكون كما يقول علماء الفلك.
ومن غاز الهيدروجين، تشكّلت الكواكب والنجوم والمجرات، التي تعدى عددها بالترليونات، في الكون المنظور، والذي يمثل أقل من 0.01 % من حجم الكون الحقيقي المشاهد.
وما زال هذا الجزء المنظور مليء بكل الأسرار عن آخره، والتي يحاول الإنسان فك ألغازه، والتوصل إلى معرفة حقيقة ومكونات جزء ضئيل من الجزء المعلوم منه، بينما ما زال الجزء الأكبر الأعم، من المعلوم المشاهد، محاط بالكثير من الأسرار والغموض في المبنى والمعنى إلى درجة العدم.
بل إنَّ الجزء المنظور من الكون والذي يمثل 0.01 %، على ما يبدو أن المعروف عنه في المبني لا يتجاوز 0.01 %، بينما الجزء المجهول من الكون المنظور يتعدى 99.99 %، في سلسلة متصلة الحلقات، والتي توصلك في نهاية كل حلقة، إلى أن 0.01 % من الكون المعلوم ستدخلك في العدم الذي تبحث عنه، وكأنَّ كل شيء في الكون عدم حتى المعلوم منه، فما بالك بالمجهول عنه، إنه عدم في عدم مركب لا أول له ولا آخر.
ذرة الهيدروجين.. أصغر ذرة في الكون
ولا يعرف أحد من علماء الفلك والفيزياء، علي وجه الدقة، من أين أتت ذرة الهيدروجين التي خلق منها الكون، ولا أحد يعرف المصدر الذي نشأة عنه، فكانت سببًا في هذا الفتق والرتق أو حدوث الانفجار العظيم، فكان مصدرها عنهم مجهول، ولم يقل لنا أحد، من أصحاب نظريات الانفجار الكوني العظيم، الذي حدث في الزمن السحيق، بهذه القوة والشدة، والعنف والضراوة، والذي ولد على أثره هذا الكون العملاق، والذي يمد الإنسان المُكرَّم وسائر المخلوقات، بكل أسباب البقاء التي أوجدها الله سبحانه وتعالى في الحياة.
ولكن المجهول عن خلق الكون ومصدره ذرة الهيدروجين، والذي لم يعرفه علماء الفلك، والفيزياء على وجه الدقة واليقين، حتى كتابة هذه السطور، كان معلومًا في القرآن الكريم، منذ ألف وخمسمائة عام تقريبًا، من خلال حقائق علمية ثابتة وواضحة الدلالة.
ومن هنا فلا يرد على مصدر ذرة الهيدروجين وغياب النشأة والوجود لهذه الذرة، والدافع وراء الانفجار العظيم، سوى القرآن الكريم.
قال تعالى: “وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْر مُبِينٌ” (هود/ 7).
إعجاز في خلق الكون
وهذا فيه إعجاز هائل وكبير، يؤكد حقيقة علمية واضحة وظاهر للعيان، عند ذوي العقول النيرة، والأفهام العالية الذين يستنبطون العلم من بين السطور، ويُخرجونه من بين القلوب والعقول والأبدان، بذراته المنتشرة في كل خلية ونسيج وعضو وجهاز، والتي تؤكد أن خالق الكون ومبدعه في أجمل صورة وفي أحسن حال، هو الله الواحد القهار.
فكانت ذرة الهيدروجين، فيها قمة الإعجاز، الذي لا يخطر على البال، فمن ذرة الهيدروجين خلق الله سبحانه وتعالى الكون والإنسان، وبها كانت البداية.
وفي ذرة الهيروجين نعيش نحن البشر وسائر المخلوقات في رحم الكون الكبير، وفيها كل أسباب الحياة، التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وفي النهاية ستكون ذرة الهيدروجين، التي سوف يعاد منها خلق الإنسان في قبره، للقيام مرة أخرى لمقابلة رب العباد، لا يملك شيء من الدنيا، ولا حتى ذرة من تراب.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر