(32) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
إذا كانت السنوات الضوئية بين النجوم والكواكب والمجرات، تصل إلى مئات ومليارات وتريليونات من السنوات الضوئية، علمًا بأن التقدير البشري لسرعة الضوء 300 ألف كم في الثانية، فما بالك بالسرعة المقدرة بين الكواكب والنجوم والمجرات في السماء الدنيا، وما بالك بقيمة اليوم في الملأ الأعلى، هذا إذا كنا نتحدث عن الكون المنظور.
أمَّا الأكوان الأخرى التي لا نعلم عنها شيء، فحدث ولا حرج، فلا علم ولا أحد يمكن أن يدعي العلم، عن تقدير اليوم عند الله سبحانه وتعالى، وقت خلقه للسماوات والأرض.
فإذا كانت الإشارات عن اليوم في القرآن الكريم، تعني التوقيت الزمني الحقيقي لليوم، كي نفهم بشكل تقديري معنى اليوم، فمرة يتحدث عن أن الأمر ينـزل من السماء إلى الأرض، ويصعد من الأرض إلى السماء في يوم واحد، وقدر ذلك ألف سنة مما تعدّون من أيام الدنيا، مما يعني أن صعود الأمر يستغرق 500 سنة ونزوله يستغرق 500 سنة، وهي المسافة التقديرية بين السماء والأرض، قال تعالى: “يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إلىهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ” (السجدة: 5).
السنوات الضوئية بين النجوم والكواكب والمجرات
ومرة أخرى يتحدث عن عروج الملائكة وجبريل عليه السلام، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فمن قائل أن من الأرض إلى العرش، ومن قائل أنه يوم القيامة، قال تعالى: “تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ” (المعارج: 4)، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعل صفائح يحمى عليها في نار جهنم، فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إمَّا إلى الجنة وإمَّا إلى النار” رواه أحمد.
طول اليوم في القرآن الكريم
وهذه نماذج من طول اليوم الذي تحدث عنها القرآن الكريم، والتي يبدو أنها تقريب للمعنى والفهم التقديري لليوم عند الله سبحانه وتعالى في السماء الدنيا، أمَّا في الملأ الأعلى فحدث ولا حرج عن طول اليوم، بقدر ومقدار وعظمة خلق السماوات العلا، والتي يصل اليوم فيها بالمليون والمليار والتريليون في عد لا نهائي من الأصفار أمام الواحد، وهذا ما يؤكد محدودية علم البشر إلى درجة العدم عند الحديث عن علم رب البشر، الله سبحانه وتعالى.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، لأن أحداث الكون المنظور تختلف في يومها عن بعضها البعض الآخر، فما بالك باليوم في الأكوان غير المنظورة أو اليوم في الملأ الأعلى.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر