(47) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية
هل هناك علاقة بين الحامض النووي في الخلية البشرية والحامض النووي في الخلية الكونية، والتي تتشكل من عناصر الهيدروجين والنيتروجين والكربون والفسفور والأكسجين في بطون النجوم، وتتحد هذه العناصر نفسها لتكوين جزيئات الحامض النووي البشري، مثل الأدينين والجوانين والثيامين والسيتوزين وهي تمثل النيوكليوتيدات في حمضنا النووي، وبهذه الطريقة، يتكون حمضنا النووي في الأصل في بطون النجوم.
وعلى الرغم من صغر حجم الحامض النووي البشري، فإن الجينوم البشري واسع بطريقته الخاصة، وهناك ما يقرب من 3.2 مليار زوج أساسي، لأكثر من عشرين ألف جين مختلف، يتم تجميع كل هذه المعلومات في حدود الخلية المجهرية الواحدة التي تحتوي على 46 كروموسوم، والتي تمثل هذا الكون الجيني المعقد والصغير للغاية، والذي يصعب دراسته على عكس مجرتنا أو نظامنا الشمسي، فكل شخص لديه نسخته الفريدة من الجينوم البشري، وفيه الخلية الواحدة تحتوي على مائة ترليون ذرة.
العمل على فك شفرة المجرة داخل الخلية البشرية الواحدة في كل واحد منا يستمر على قدم وساق، فبعد عقود من العمل والابتكار، تمكن العلماء من وضع تسلسل الجينوم البشري بأكمله، وهم يحاولون حاليًّا فهم ما يفعله كل جين تقريبًا من العشرين ألف جين.
الخلية البشرية والحامض النووي
لقد تعلمنا أن الحمض النووي للشخص قد يؤثر على كل شيء في العديد من جوانب حياته الشخصية وقدرته المادية والعاطفية وعلى استعداده للإصابة بالأمراض المختلفة، تقدمت الأبحاث والتكنولوجيا حتى الآن بحيث أصبح من الممكن الآن لأي شخص تقريبًا استكشاف الحمض النووي الخاص به واستخدامه لاكتساب رؤى خاصة حول حياته، وسوف نتحدث عن هذا بالتفصيل عن خلق آدم.
فالحمض النووي البشري بدء مثل النجوم التي تتلألأ في سماء الليل بعيد المنال، لكن هذا لم يعد كذلك الآن، من خلال معرفة التسلسل الجيني للحامض النووي، يمكنك أن تكون مكافئًا لرائد فضاء جزيئي من خلال استكشاف العالم المجهري للحامض النووي، ربما في يوم من الأيام سنرى أن السفر إلى الفضاء أصبح بهذه السهولة، كما يقول الباحثون ولكن حتى ذلك الحين، هناك عالم كامل بداخل الإنسان ينتظر استكشافه.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يؤكد أن الخلية البشرية الواحدة تحتوي على مائة تريليون ذرة، كل ذرة ممكن أن تخلق كون قائم بذاته يتكون من سبع سماوات وسبع أرضين، يعني الخلية الواحدة بها مائة تريليون كون مثل الكون الذي نعيش فيه.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر