(76) الإسلام… في ميلاد الرسول
كرَّم الله الإنسان بأخلاقه في كل أحواله، النابعة من تفضيل الله له على سائر مخلوقاته، فقد خلقه بيديه من طين بعد أن خلط التراب بالماء ثم تغيرت رائحته فكان حمأ مسنون، ثم تصلب فكان صلصال ثم أصبح أجوف، فكان صلصال كالفخار.
قال تعالى: “قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالينَ” (ص: 75).
وزاد الله من كرمه للإنسان، أن نفخ فيه من روحه فملأت الروح النورانية، الفراغات الترابية، الموجودة في الصلصال كالفخار بالخلايا والأنسجة والأعضاء والأجهزة النورانية عليها قشرة ترابية.
قال تعالى: “ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ۖ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ” (السجدة: 9).
خلط التراب بالماء
وزاد الله من منه وكرمه على الإنسان الترابي، بلا حدود للزمان والمكان، فأسجد له ملائكته النورانية، بما تمثله من قمة في الجمال والجلال وفي الخلق والتكوين، الذي ليس له مثيل.
قال تعالى: “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ” (البقرة: 34).
فسجدت الملائكة النورانية المسيرة بجمالها وجلالها وعظم خلقها، احترامًا وتقديرًا لخلق آدم من تراب والذي خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روح، ولكن إبليس اللعين بأصله النيراني، رفض السجود لآدم امتثالًا لأمر الله، فطرده الله من رحمته، وبالرغم من كل ذلك البيان في خلق الإنسان، يجري خلف الشيطان، وقد يصبح شيطان في نهاية المطاف.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالماء يمثل القاسم المشترك بين الأجناس الثلاثة، فالملائكة خلقت من نورانية الماء فهي نورانية، والشيطان خلق من نيرانية نور الماء فهو نيراني نوراني، والإنسان خلقت مادته من نورانية الماء، فهو ترابي نوراني، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطارالإسلام.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر