ميلاد الرسول في عام الفيل
اتفق المسلمون عبر العصور على أنَّ ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يوم الاثنين الموافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول، في وقت طلوع الفجر وفي عام الفيل، في السنة الثالثة والخمسين قبل الهجرة النبوية، والذي وافق يوم الثاني والعشرين من شهر أبريل عام 572 ميلادية، في فصل الربيع.
وكان من ضمن الحوادث المفصلية، التي حدثت في يوم ميلاده صلى الله عليه وسلم، عام الفيل والهجوم على الكعبة، سميت هذه الواقعة باسم سورة الفيل في القرآن الكريم، وسمى المؤرخون هذه الغزوة بعام الفيل.
اشتهر عام الفيل، بمحاولة أبرهة الحبشي الاشرم ، حاكم اليمن من قبل مملكة أكسوم الحبشية في إثيوبيا هدم الكعبة، ليجبر قريش والعرب على الذهاب إلى كنيسة القليس التي بناها في اليمن.
وحسب الروايات التاريخية، فإن أبرهة، قاد حملة عسكرية كبيرة فيها فيلة كبيرة وعندما اقترب من مكة المكرمة، وجد قطيعًا من النوق لعبد المطلب سيد قريش، وجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخذها غصبًا فخرج عبد المطلب طالبًا من أبرهة الحبشي، أن يرد له نوقه ويترك الكعبة وشأنها، فرد أبرهة النوق لعبد المطلب ولكنه رفض الرجوع عن مكة.
وحين ذهب عبد المطلب ليسترد نوقه، سأله أبرهة لماذا لا تدافعون عن الكعبة، فأجاب عبد المطلب: “أما النوق فأنا ربها، وأمَّا الكعبة فلها رب يحميها”، بعدها خرج أهل مكة، إلى الجبال المحيطة بالكعبة خوفًا من جيش أبرهة وجنوده، والأفيال التي هجم بها علىهم.
وعندما رفض أبرهة طلب عبد المطلب بترك الكعبة وشأنها، أبت الفيلة التقدم نحو مكة، وعندها أرسل الله سبحانه وتعالى طيرًا أبابيل تحمل معها حجارة من سجيل قتلتهم، وشتتت أمرهم وفشل أبرهة وجيشه، إخضاع مكة لسيطرته، بما تمثله من رمزية دينية وقبلية للعرب بعدها عاد أبرهة إلى اليمن وتوفي في صنعاء بعد عودته من مكة في 570- 571 م.
وجه الإعجاز في في غزوة أصحاب الفيل
الربط بين الدول الثلاثة برباط الإسلام الوثيق وطنًا وموطنًا بين أبناء هذه البلاد والتي أشاد بها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد النبوة ولها أبعاد اربعة.
البعد الديني الذي يؤكد دخول اليمن وإثيوبيا الحبشة الإسلام مع شبه الجزيرة العربية، ما يعني تمدد الإسلام في قارتي آسيا وإفريقيا.
البعد الحضاري والتاريخي الذي يؤكد ارتباط هذه الدول بروابط تاريخية خاصة بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم.
البعد الجغرافي الذي يجعل من اليمن وإثيوبيا امتداد جغرافي لشبه الجزيرة العربية.
البعد البشري الذي يجعل الإسلام يتخطى حدود إفريقيا وآسيا إلى العالم أجمع بواسطة أبناء هذه البلاد.
رسالة إعجاز في شخص أبرهة الحبشي
إذا كان أبرهة الحبشي، يمثل نموذج الإنسان المتكبر والمتغطرس والطاغية، الذي استحوذ على قوة السلطة، وغرَّه المال فإن نهاية حكمه حتمًا إلى زوال سواء بالفشل أو الموت، وقد حصد الاثنين معًا، حتى يكون عبرة لكل طاغية مستبد في نهاية المطاف، لأنَّ الله سبحانه وتعالى أقوى منه، ومن أمثاله ممن سبقوه وممن أتوا بعده، وهو الباقي وغيره من البشر وسائر المخلوقات فانون.
رسالة إعجاز في فيل أبرهة الحبشي
بالرغم من أن الفيل حيوان ضخم الجسم قوي البنيان، قادر على اقتلاع المباني العالية وهدمها، إلا أنه لم يتمكن من الاقتراب من الكعبة، لأنها بيت الله الحرام، ومع ذلك لم يكتفي أبرهة بهذا التحذير الذي أطلقه عبد المطلب ولم يأبه بقرار الفيلة التي همت بالرجوع والعودة، إلى اليمن واستحياؤها من التقدم خطوة إلى الأمام لمهاجمة الكعبة.
فكان العقاب الذي نال هذا الحيوان العملاق، بطيور أبابيل صغيرة تحمل معها حجارة صغيرة من جهنم، فدمرت الفيلة وقضت على جيش أبرهة وقد سجل القرآن الكريم هذه الحادثة وسماها بسورة الفيل.
رسالة إعجاز في ميلاد الرسول وقت طلوع الصبح
فميلاده صلى الله عليه وسلم، كان بعد ذهاب الظلام، وظهور الضياء والنور، المنبثق عن نور الشمس التي تنير الكون كله وتبعث فيه الحياة، فكان ميلادة بعث للحياة، من جديد بعد أن ضلت البشرية الطريق، الذي رسمه من قبل أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام، في دعوته إلى الحق والعدل والمساة بين الناس جميعًا.
فكان ميلاده عودة إلى سلامة القلب من الكفر والنفاق والرياء، وسلامة العقل من العبودية والاستعباد والشعوذة وطرق الباطل والشيطان، والعودة إلى نور الإيمان بالله سبحانه وتعالى والتوحيد الخالص بعيدًا عن الشرك والوثنية وتعدد الآلهة.
رسالة إعجاز في مولده في ربيع الأول
فالربيع كلمة تطلق على الأحوال الجوية المعتدلة والتي يكثر فيها نزول المطر وفيه تتفتح زهور العديد من النباتات المزهِرة في هذه الفترة من السنة، وينظر إلى الربيع على أنه وقت النمو والتجديد، وحدوث تغيرات في الحياة إلى الأفضل وأنه الوقت الذي يشهد فيه ميلاد حياة جديدة للإنسان والحيوان والنبات، كما يستخدَم الربيع بشكل عام، كتعبير مجازي عن بداية فترات أفضل حالاً كالتي أعقبت كالربيع العربي.
رسالة إعجاز في مكانة مكة عند الله في يوم ميلاد الرسول
لم يكون هجوم أبرهة الحبشي، على مكة لهدم الكعبة، قد أتي من فراغ، وإنما كان هدفه تغيير الخريطة الدينية والجغرافية والحضارية والتاريخية والبشرية التي تتميز بها مكة المكرمة عن غيرها من البلاد.
ويكفيها شرفًا أن فيها بيت الله الحرام، وفيها مقام إبراهيم وحجر إسماعيل عليهما السلام ، وفيها زمزم، وفيها الصفا والمروة، وفيها غار حراء وغار ثور، وفيها المزدلفة ومنى وعرفات ورمي الجمرات، وغيرها.
ولذلك كان الانتقام من أبرهة الحبشة قويًّا وعنيفًا، إلى درجة أن تم تدمير الجيش عن آخره وهروب أبرهة إلى اليمن الذي مات فيها بعد أن وصلها.
4 تعليقات