خلق الكون وبرنامج البعث والفناء
إنَّ تجدد الكون بشكل ذاتي وتلقائي وتمدده الدائم على امتداد الزمان الذي يعيشه والمكان الذي يشغله، من خلال ذرة الهيدروجين التي تحمل في نواتها طبيعة ومواصفات الخلية الجذعية الأولية، التي خلق منها الكون والإنسان، والممتلئة عن آخرها ببرنامج البعث والفناء الذي يحكم آلية العلاقة القوية والقدرية، بين الحياة في الحياة، والعلاقة القوية والقدرية بين الحياة ونهايتها بالموت في الموت، دليل علمي قاطع، على وجود الله سبحانه وتعالى.
وذكر الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر أنه يبقي التفرد حسب العلم، ببرنامج الفناء المطمور فيه برنامج البعث، والذي يُشبه إلى حد كبير التوازن الموجود في عمل كل من برنامج البعث في الخلايا الجذعية، وبرنامج الفناء في موت الخلايا المبرمج في الإنسان والكون، للحفاظ على حيوية كل منهما في مكوناته وشبابه.
ووجود برنامج البعث والفناء في مكامن الذرة، في تكامل وتناسق أو مواجهة ومجابهة، أو حتى في تغلب أحدهما على الآخر، في من يبدأ الحياة بالبعث ومن ينهي الحياة بالفناء، في متوالية عددية من خلال برنامج مطمور داخل الذرة، دليل على أن وحدة الخلق في الكون والحياة، فيها تأكيد وحدة الخالق سبحانه وتعالى.
مصداقا لقوله تعالى: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” (فصلت/ 53).
البعث والفناء في الكون
ونثر برنامج البعث والفناء وانفراده وتفرده ودورانه، في آفاق الكون وطياته، وفي خلق الإنسان والتحكم في مكامن وجوده، دون إدراك لمغزاه أو محاولة السيطرة عليه، يؤكد حقيقة ضعف الإنسان ووهنه وقلة علمه وخبرته، فلا يستطيع التمكن من السيطرة على جزء ولو ضئيل من برنامج البعث والفناء الذي قامت عليه حياة الإنسان والكون، ويدور فيه وحوله مصير الإنسان ووجوده في البداية والنهاية وفي سائر أحواله.
غموض الكون بكواكبه ومجراته، ومحاولة فك طلاسمه وأسراره، يقع عبء بالدرجة الأولي ويعتمد، على طلاقة القدرة الناتجة من هيمنة برنامج البعث والفناء، على مقدرات الأشياء في الكون، من البداية والنهاية وبينهما الحياة، والذي يتحكم في كل شيء، في مسيرة الكون ومسيرة الإنسان في الحياة.
وهذا في حد ذاته دليل قاطع على عجز الإنسان في علمه، وعدم قدرته على استنباط حقائق الكون الماثلة أمام عينيه في كل أقضية حياته.
مصداقًا لقوله تعالى: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا” (الإسراء/ 85).
البرنامج المادي والنوراني يملك سر مفاتيح الكون
وهذا البرنامج المادي والنوراني القائم على قدم وساق، هو جند من جنود الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يملك سر مفاتيح الكون، والذي كان ورائه خلق السماوات والأرض، فيبعث الحياة في سائر الكائنات الحية، إذا كانت اليد الطولى لبرنامج البعث، في وجود تحجيم وتحديد وظيفة برنامج الفناء، عند بناء وصيانة الكون والإنسان بشكل ذاتي ومقنن بحيث لا يستطيع أحدهما الخروج عن السيطرة.
أمَّا إذا عطل برنامج البعث ونشط برنامج الفناء، فإنه يؤدي إلى نهاية الكون والحياة.
مصداقًا لقوله تعالى: “قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا” (الفرقان/ 6).
أما سر خلق الأكوان الأخرى، والتي لم يتحدث عنها أحد من العلماء بشكل جدي، ولم يتطرق إليها أحد بشكل علمي موثق، لمعرفة مكانها من حيث الحيز الذي تشغله، والزمان الذي وجدت فيه، ولا مكانتها ولا مكانها في المبنى والمعنى.
فإنَّ هذا معناه ضآلة الكون الموجود من ذرة واحدة من الهيدروجين، فما بالك بالذرات والجزيئات والماء بحجمه وسعت وجوده تحت عرش الرحمن.
وإن كنت أعتقد، أنَّ كل شيء في هذا الكون، على مستوى كل ذرة في كيانه، يُمثل كونًا قائمًا بذاته مثل كوننا هذا الذي خلق من ذرة الهيدروجين، فكيف يمكن تصور عمل خلية واحدة من جسم الإنسان وهي تحتوي على مئات من الترليونات من الذرات، وكل ذرة تمثل كون قائم بذاته.
وإذا كانت الخلية الواحدة في الإنسان تحتوي على بليار ذرة، فإنَّ الخلية الواحدة تحتوي على بليار كون، كل كون له قصة حياة، وكل كون له بداية وله نهاية.
مصداقًا لقوله تعالى: “وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ” (الأنعام/ 38).
5 تعليقات