مقالات

الإسلام الذي يجب أن نعرفه “3”

إذا كان الإنسان يتكون من مادة وروح، فإنَّ غذاء المادة يكون من جنس تكوينها من تراب الأرض، ومكوناته.

أمَّا غذاء الروح فيكون من جنس تكوينها النوراني، من خلال المنهج الرباني، الذي أرسل الله سبحانه وتعالى به، أنبياءه ورسوله هداية للبشرية، فأمدهم بغذاء المنهج لأرواحهم، كما أمدهم بغذاء المادة لأجسادهم في توافق عجيب ومُعجز، لا يخفى على اللبيب من أن وراءه الخالق سبحانه وتعالى.

فغذاء الروح والجسد، مُقنَّن ومُقدَّر بشكل دقيق ومحسوب قبل خلق الحياة كي تستمر حياته، على هدي من الله سبحانه وتعالى.

وحدوث توافق وتلاقي وتجانس وتمازج وتكامل وتلاحم بين الغذاءين، المادي والروحاني، هو الذي يخلق إنسانًا بشريًّا سويًّا، تتكامل فيه روحه مع جسده، وجسده مع روحه، فيصبح إنسان سوي ومثالي، قادر على قيادة دفة حياته، من منظور الإيمان بوحدة المكون الترابي والنوراني، فمصدرهما واحد وخالقهما واحد ورازقهما واحد، ونهايتهما واحدة.

الغذاء المادي، المتعلق بمادية جسد الإنسان الترابي، والمتمثل في الحفاظ على حياته بالطعام، والحفاظ على جنسه بالتزواج والتناسل، المخلوقة في الكون والحياة، والتي خلقها الله سبحانه وتعالى بأسبابه والباقية، ما دامت السموات والأرض، هي التي جعلت الإنسان الترابي، آية ومعجزة كبري، من معجزات الله سبحانه وتعالى، فلم نعرف عنه شيء إلًّا القليل في مادة جسدة المفعولة به، ولم نعرف عنه شيء يذكر في نورانية روحه المفعولة له.

والغذاء المعنوي، المتعلق بروحه النورانية والمنبثق من المنهج، الذي أرسل الله سبحانه وتعالى أنبياءه ورسله لهداية البشر، وتعريفهم بوجوده، والمطلوب منهم من خلال أنبيائه ورسله، وتغذية أرواحهم بغذاء معنوي واحد ينطلق من مصدر واحد، وهو نفس المصدر الذي ينطلق منه غذائهم المادي المطمور في جنبات الكون، حبا لهم، وحماية لهم في الدنيا، وخوفا علىهم من مصير الأخرة.

وكل هذا الحب الحقيقي، وتلك العناية الكاملة المركزة والرعاية الفائقة، التي يوليها الله سبحانه وتعالى لخلقه، ينم عن حب حقيقي من الله سبحانه وتعالى للبشر، ومكانة عالية يتميزون بها عن غيرهم عنده من سائر خلقه، لأنهم صنعته.

وصاحب الصنعة ومالكها، يحميها ويصونها، ويخاف عليها ويخشى ألَّا تقوم بالوظيفة المطلوبة منها، والمعدة من أجلها، فيسعى دائمًا إلى صيانتها، والحفاظ علىها في أفضل صورها، وفي أحسن أحوالها، وفي أنقى معانيها، من خلال منهج غذائي مادي يقوم حياته، ومنهج غذائي معنوي يقوم روحه.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق