مقالات

الإسلام الذي يجب أن نعرفه “6”

إذا كان الإسلام هو آخر رسالات السماء من الله سبحانه وتعالى إلى البشر وفيه كمال رسالة الأنبياء والمرسلين وبه انتهائها، بعد نزول القرآن الكريم في آخر لقاء بين السماء إلى الأرض، على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.

وبالقرآن الكريم، حفظت كل هذه الرسالات وكل الكتب التي نزلت، فالقرآن الكريم، يُعتبر الوثيقة المؤمنة الوحيدة التي تحتوي وتحفظ مسيرة الأنبياء والمرسلين جميعًا، وتمنع يد التحريف من أن تطالها، بعد أن تعهد الله سبحانه وتعالى نفسه بحفظه.

مصداقًا لقوله تعالى: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (الحجر/ 9).

الإسلام الذي يجب أن نعرفه

ومن هنا نجد أن الهدف من مسيرة الأنبياء والمرسلين من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم، هي في تنبه الغافلين من البشر، عن مرادات الله سبحانه وتعالى، من خلق الكون والحياة، من أجل التغلب على كل عناصر الشر في نفس الإنسان الترابي، وإبراز كل عناصر الخيرفي نفس الإنسان النوراني والحب والإيثار والتضحية، للعبور الأمن من الدنيا، إلى الآخرة بنجاح.

قال تعالى: “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا” (الشمس/ 7- 10).

وفي نفس الوقت، الإقلال من شأن المثبطين لعزائم البشر، في التغلب على النفس الأمارة بالسوء، والإعلاء من النفس الأمارة بالخير، استعلاء على نزوات الشيطان وحبائله ومكره وخداعه، بعد أن نبهنا الله سبحانه وتعالى إلى كراهيته للإنسان منذ الأزل وعدم وضع مصالحه في عين الاعتبار، بعد اللقاء الأول بين آدم عليه السلام والشيطان، والذي تعهد فيه الشيطان بإذلال آدم وإهانة ذريته وإضلالهم، على مسمع ومرأى من كل الخلائق، بعد رفضه الخضوع لأوامر الله سبحانه وتعالى.

قال تعالى: “وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ” (البقرة/ 34).

إعلاء شأن الإنسانية

والحد من تصرفات المعوقين لكل عمل نبيل، يهدف بالدرجة الأولى إلى الإعلاء من شأن الإنسانية، وترقيتها، ورفع من منزلتها ومستواها الأرضي من المادي الترابي إلى مستواها السمائي والملائكي والنوراني، وهذا واضح وجلي في منهج الإسلام وفي العقيدة والعبادة والمعاملة المنطلقة.

وفي أركان الإسلام الخمسة في الشهادتين والصلاة والزكاة وصوم رمضان والحج، والتي تتحول إلى معاملة تصب في نهاية المطاف، في صالح البشرية جمعاء، فتشحذ همم السائرين، في طريق الله وتشحنهم بطاقة إلهية دائمة على مدار اللحظة في الحياة.

كي يتمكنوا بها من التغلب على مصاعب الحياة بخيرها وشرها وحلوها ومرها، انتظارًا للحظة الفراق، ثم العرض على الله في الآخرة، ليأخذ كل إنسان حقه على رؤوس الأشهاد، حيث إنَّ الآخرة هي الحياة الدائمة، والممتدة بلا نهاية للزمان والمكان، والتي يعيش فيها الإنسان، مع الله سبحانه وتعالى،  بعد أن ترك العيش بأسبابه في الدنيا.

مصداقًا لقوله تعالى: “وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (العنكبوت/ 64).

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »