مقالات

(12) الكتاتيب بذرة التعليم في الإسلام 

إذا كانت الكتاتيب تُمثل بذرة التعليم الأولى وذروته في حياة الطفل الصغير، فإن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر وهذا عمل الكتاتيب الحقيقي في الواقع الموجود على أرض الواقع.

وهذا معناه أن الدور الذي تقوم به الكتاتيب لا يمكن أن تقوم به أي مؤسسة أخرى مهما ملكت من إمكانيات ولا يعوضه أي دور للحضانة قبل الدراسة ولا حتى بعد دخول المدرسة.

وهذا معناه أن التعليم المبكر يتم نقشه في الذاكرة فلا تمحوه الليإلي والأيام وإذا كان ذلك مع التعليم في سن مبكرة من عمر الإنسان، فإنَّ تعليم القرآن الكريم كتاب الله سبحانه وتعالى يُعزِّز من مكانة هذه المقولة ويؤكدها والتي تعتبر الوظيفة الأولى للكتاتيب والتي يقوم بها الكُتَّاب على الوجه الأكمل.

فإذا كان التعليم في الصغر يتم تثبيته في الذاكرة مثل النقش على الحجر، الذي يتم تثبيته في شكل أحرف أو كلمات أو جمل وعبارات شريطة استخدام كل التقنيات التي تسمح بتثبيته، والذي لا تمحيه الأيام والليإلي كالصور والأشكال والألوان التي تركها الفراعنة على جدران المعابد منذ أكثر من سبعة آلاف عام.

الكتاتيب بذرة التعليم في الإسلام 

ولكن الذي يجعل التعليم في الصغر كالنقش على الحجر في خلوا المخ وعدم انشغاله بالتفكير في أمور الحياة، وهذا يؤدي إلى صفاء الذهن ونقاء الذاكرة في سن الطفولة الأولى والتي تمكن الطفل من التعليم بسرعة من حيث القراءة والحفظ.

فتحول ذهنه إلى كاميرا تصور كل شيء يقرأه وذاكرة صلبة تخزن كل شيء يتم التقاطه  بشكل سريع ومبرمج وانتقالها إلى بؤرة الشعور ثم يبدأ في رص الأحراف والكلمات والجمل والعبارات ونقلها من بؤرة الشعور إلى حاشية الشعور فيتم نسخها في مراكز المخ التي تعمل على الحفاظ عليها وحمايتها من الضياع ومن ثمَّ استرجاعها عند اللزوم.

ومن هنا كان التعليم في الصغر كالنقش على الحجر والتعليم في الكبر أصعب من النقش على الحجر أو كالنقش على الماء، لانشغال الذاكرة عن التعليم بأمور الحياة ومشاكلها.

وإذا كانت القراءة من المهارات الأساسية التي ينبغي على الطفل إدراك فوائدها منذ الصغر فإنَّ الكتابة هي حجر الزوايا في تثبيت هذه القراءة.

لذلك ربط القرآن الكريم بين العلق والقراءة والقلم برباط وثيق، ولهذا كان للكتاتيب الدور الفاعل والمؤسسي، في تنمية مهارات الطفل الذهنية وتطوير قدراته العقلية، ما يجعله قادرًا على التفكير بعمق في نفسه ومن حوله وإدارة حياته وحياة من حوله بشكل مثالي وفعال.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »