(9) فلسفة الصحة والمرض في البشرة
البشرة تُمثِّل كيان الإنسان الخارجي في كل أحواله وتُمثل وجوده الداخلي على مدار عمره وأيامه في الزمان الذي يعيشه والمكان الذي يشغله وتحمل بصمته وتتغير بشكل دوري مرة كل شهر فتذهب البشرة القديمة وتحل محلها بشرة جديدة بنفس المواصفات القديمة وتصبح الجديدة قديمة بفعل الزمن ويُعاد إنتاجها مرة أخرى فتتكون البشرة الجديدة.
المهم أن هناك دائرة مغلقة في البشرة وما يمكن استنباطه من هذه الدائرة الجديدة والمتجددة والمستمرة في إنتاج البشرة أن الله سبحانه وتعالى يمنح الإنسان ويهبه ثوب جديد من جلد البشرة يغطي به جلده ويستر به نفسه ببشرته مرة كل شهر.
حيث تقوم البشرة بتغيير نفسها بشكل مبرمج وتلقائي من خلال صيانة ذاتية لنفسها كي تجدد من نفسها وتحافظ على شكلها وقوامها ورونقها وجمالها وتحمي صاحبها من العوامل البيئية الخارجية التي تحيط به من كل جانب وتمثل تهديد حقيقي ومباشر لوجودها وفي نفس الوقت تحمي الجسم ومكوناته الداخلية من الاختراق بواسطة الكائنات الدقيقة مثل الميكروبات والفيروسات والفطريات والطفيليات.
كما أنَّ البشرة بخلاياها تُمثل دليل دامغ على إدنة صاحبها أو تبرئته أمام الناس في الدنيا وأمام الله سبحانه وتعالى في الآخرة، لأنها تحمل بصمته وتسجل عليه بالصوت والصورة والفيديو، كل تصرفاته في أقواله وأفعاله في حياته أمام نفسه وأمام الآخرين دون أن يشعر ودون أن يدري، فهي لا تترك صاحبها وتلازمه في الصباح والمساء وفي كل الأوقات.
ومن هذا المنطلق نجد أن البشرة تُمثل أحد أهم الأجهزة الرقابية الذاتية التي خلقها الله سبحانه وتعالى في الإنسان فتسجل أقواله وأفعاله وأعماله في خلايا الذاكرة المنتشرة على امتداد الجلد والتي تُمثل الصندوق الأسود والتي تضم ملفات مبرمجة في كتب مكتوبة وعليها دوائر خضراء للخير وحمراء للشر.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر