مقالات

(5) قيم… رمضانية

كل شيء في الكون يُشعرك بعظمة الله سبحانه وتعالى ويُذكرك به في كل لحظة من حياتك، فعندما ترى الشمس تخرج من المشرق وتذهب إلى المغرب، كي تهب الحياة للبشر على امتداد الكرة الأرضية بشكل منضبط على مدار أكثر من أربعة مليار سنة من عمرها، فلم تتعب ولم تمل ومعها الأرض والقمر، فلا يسعك إلا أن تقول الله.

ويتغيَّر الليل والنهار معهما في كل الأوقات وكل أشهر السنة وكل فصولها في ملحمة علمية رائعة، حيَّرت العلماء على مدار التاريخ الإنساني، ما يؤكد عظمة الخالق سبحانه وتعالى في كل ما خلق فلا يسعك إلا أن تقول الله.

قدرة الله في خلق الشمس والسماء الدنيا

وعندما تنظر إلى السماء الدنيا وبنائها وسقفها المرتفع بغير عمد ترفعها وإلى ما فيها من كواكب ونجوم ومجرات بمائة المليارات والترليونات وهي معلقة في الفضاء وتسبح فيه في دوائر لا أول لها ولا آخر في انضباط منقطع النظير ومحسوب بدقة متناهية، فلا تصطدم مع بعضها البعض الآخر، ما يؤكد أنها مقهورة بقوة الخالق سبحانه وتعالى ولو اصطدم نجم بآخر لانتهت حياتنا على الكرة الأرضية وهي في نفس الوقت تسبح بجلال حمده سبحانه، فلا يسعك إلا أن تقول الله.

وعندما تنظر بعين الاعتبار إلى نزول الأمطار من السماء، كي تحيي الأرض الموات فتروي الجمادات والنباتات والطيور والحشرات والحيوان والإنسان، فتهب الحياة لجميع المخلوقات، على امتداد الكرة الأرضية فتغطيها على امتدادها في تناسق عجيب، فتكفي حاجتها من الماء، لا يخفي على عامة الناس، فما بالك باللبيب وصاحب العقل النجيب، فلا يسعك إلا أن تقول الله.

وعندما ترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب لتحفظ توازن الأرض واستقرار الحياة عليها وتحميها من الزلازل والبراكين وتحفظ في بطنها كل الخيرات من بترول ومعادن وغيرها، فلا يسعك إلا أن تقول الله.

وعندما تنظر إلى الأنهار بمائها العذب الطيب والبحار والمحيطات بمائها الملح الأجاج وبينهما حاجز يمنع اختلاطهما ويحفظ توازان وجودهما على سطح الأرض وبما يحفظ في بطنهما من خيرات لا أول لها ولا آخر كي يمنحان المخلوقات الحية الماء اللازم للحياة، في دورة حياة للجبال والأنهار والمحيطات تبهرك فلا يسعك إلا أن تقول الله.

وعندما ترى الهواء يملأ الكرة الأرضية عن آخرها، فيهب الحياة لكل ساكنيها من سائر المخلوقات ويبعث فيها الحياة والأرض تعطيك كل أنواع الطعام بمختلف الأشكال والألوان والأحجام والطعم والرائحة بمختلف الأنواع، من خلال نظام محكم وبديع لا خلل فيه ولا استهانة ولا استهتار تبهرك فلا يسعك إلا أن تقول الله.

منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة

وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الخامسة والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان عن الدائرة الثانية في الدنيا، فاسم الله الأعظم يتردد صداه في كل مكان في الكون ويردده الإنسان في نسمة هواء عليل ورائحة عطرة يشمها ومنظر خلاب يشده ويبهره وطعام شهي لذيذ يأكله وما يقع عليه بصره أو تسمعه أذنه أو يتذوقه لسانه أو يشمه أنفه أو تلمسه يديه أو تدركه عواطفه وعقله وقلبه وبحواسه وذات وجهه ونفسه وجنانه فكلمة الله تشيع كل الجمال في الكون فلا يقع بصرك على شيء مرتب ومنظم ومنضبط ومجود ومتقن وقائم بعمله على أكمل وجه ويتسم بالدقة الفائقة ألا وتجده في الكون الذي خلقه الله سبحانه وتعالى.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »