مقالات

(43) قيم… رمضانية

لن تتحقق نهضة هذه الأمة إلا من خلال صناعة النموذج بواسطة الحكام من القادة والزعماء الذين يعبرون بشكل حقيقي وفعال عن مصالح الأمة ويدافعون عنها في كل مكان ويدفعونها دفعًا إلى التقدم والازدهار من خلال قيم الإسلام وأخلاقه ومبادئه النبيلة.

ورسول الله صلى الله عليه وسلم صنع النموذج بنفسه وطبقه على أهله وجيرانه، كي يعطي لنا المثل والقدوة في حياته حتى نهتدي بأقواله وأفعاله وأعماله ونتخذه نموذجًا يُحتذى به في كل شأن من شئون حياتنا، حتى نتمكن من العبور الأمن من الدنيا إلى الآخرة بأمن وأمان واطمئنان ونفس راضية.

فالموقف الأول على نفسه خرج الرسول ذات مرة يبحث عن طعام فوجد أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما يبحثان عن طعام فقالا لهما: ما أخرجكما، فقال والله يا رسول الله ما أخرجنا إلا الجوع وكان الرسول يضع حجرين على بطنه من شدة الجوع في الوقت الذي يضع فيه كل من الصديق وعمر بن الخطاب حجر واحد على بطن كل منهما من شدة الجوع وهذا دليل قاطع على أن الحاكم يجب أن يكون مرآة لشعبه فيجوع مثلهم حتى يشعر بمعاناتهم أو يشعر براحتهم.

نهضة الأمة من خلال صناعة النموذج

وأمَّا الموقف الثاني فكان على أهله، فعن عائشة رضي الله عنها، أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّهم شأنُ المرأةِ المخزوميَّةِ الَّتي سَرقَت فقالوا من يُكَلِّمُ فيها رسولَ اللَّهِ؟ فقالوا من يجتَرِئُ عليه إلَّا أسامةُ بنُ زيدٍ حِبُّ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ  فَكَلَّمَهُ أسامةُ فقالَ الرسولُ” أتَشفعُ في حدٍّ من حدودِ اللَّهِ ثمَّ قامَ فاختَطبَ فقالَ إنَّما أهْلَكَ الَّذينَ من قبلِكُم أنَّهم كانوا إذا سَرقَ فيهمُ الشَّريفُ ترَكوهُ  وإذا سرقَ فيهمُ الضَّعيفُ أقاموا عليه الحدَّ ، وأيمُ اللَّهِ! لَو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمَّدٍ سرَقَت لقطعتُ يدَها” صححه الترمذي.

وهذا معناه، أنه لا أحد فوق القانون، حتى أبناء الحاكم وأقاربه لأن الاستثناء في هذه الحالة يؤدي إلى خراب الأمة وتدميرها عن بكرة أبيها، لأنه يعطي المثل والقدوة السيئة في سرقة البلاد للحاكم وأبنائه وأتباعه.

وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الثالثة والأربعون والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان في الدائرة الثانية في الدنيا عن أهمية صناعة النموذج والقدوة في الحاكم والمحكوم على حد سواء.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »