مقالات

(4) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية

الحديث عن الدائرة الأولى، يصب في طريقة فهم خلق آدم من تراب، ومن ثمَّ وجوده في الحياة، لأن الله أعلن أنه خلق آدم بيديه ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه الأسماء كلها، وكل هذه الإشارات وتلك النعم التي كانت سببًا في خلق آدم من تراب، وكانت سببًا في وجوده، موجودة كلها في الدائرة الأولى.

لذلك كان من الأهمية بمكان معرفة حقيقة الدائرة الأولى وعلاقتها بخلق آدم من تراب، والتي تؤكد أن آدم خلق من تراب بناء على أوامر من الله سبحانه وتعالى، وتفضل سبحانه وتعالى على آدم بخلقه والنفخ فيه من روحه، فتحول آدم من جماد في صورة تراب إلى بشر سوي في صورة إنسان مركب في أجمل صورة وأحسن تقويم وفيه حياة وله ذات، يعبر بها عن نفسه ويعيش بها حياته في كرم ربه ونعمه.

ضرورة استقراء آيات القرآن الكريم

ففي الدائرة الأولى، كان الله ولا شيء معه، فهي غيب أبدي وسرمدي عن الإنسان، ولا يوجد أي تصور عنها، فلا يمكن معرفة وجودها أو إدراك معانيها أو استنبطها ما فيها، إلا من خلال استقراء آيات القرآن الكريم والتي تؤكد وجودها والتي تتحدث فيها عن الله وخلقه فيها وعلمنا عنها عدم، وهي دائرة مغلقة عنَّا إلا بقدر ما علمنا الله عنها، وما علمه الله سبحانه وتعالى لأنبيائه ورسله وقد تم تسجيلها بشكل واضح وصريح في العديد من آيات القرآن الكريم وفي منهج النبوة، قال تعالى: “شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَالْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” (آل عمران: 18).

وهذه الدائرة فيها إشارات قرآنية كثيرة على وجود الله سبحانه وتعالى، وكماله وكما يليق بكماله وذاته وصفاته وأسماءه وكلماته والماء والعرش وملائكته والكرسي وملائكته القلم وحفظته واللوح المحفوظ وحفظته والسماوات السبع وملائكتها والبيت المعمور وملائكته وسدرة المنتهى وحفظتها وجنة عدن والفردوس الأعلى وعليين ودار السلام ودار الخلد والمأوى وغيرهم وحفظتها والنار ودركاتها وملائكتها وبيتوت وأبواب السماوات السبع وما فيها من زينة وبيت العزة في السماء الدنيا، وسر الأكوان وأسرار ومخلوقات أخرى لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى وكل المخلوقات في هذه الدائرة، غيب مطلق لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ورسله.

خلق آدم من تراب

وهذا فيه إعجاز كبير وهائل، لأن الدائرة الأولى غيب عن البشر وفيها مفاتيح خلق آدم وتتحكم في الدائرة الثانية في الدنيا وفي الدائرة الثالثة في الآخرة والإيمان بوجود الدائرة الأولى شرط جوهري للإيمان بوجود الله سبحانه وتعالى بالرغم من أنه غيب عن البشر.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »