مقالات

(35) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية 

حقيقة اتساع الكون وتمدده حقيقة علمية ثابتة في القرآن الكريم وأكدتها كل الأبحاث العلمية في القرن الحادي والعشرين، ويظهر ذلك في الحديث عن بناء الكون بهذا الشكل المنظم، وتلك الهندسة المبهرة.

فالسماء الدنيا تحتوي على الكواكب والنجوم والمجرات التي تسبح في الكون، وتكون نسيج ضخم من الخيوط التي تتألف من تريليونات المجرات، ويمتد لمئات المليارات من السنوات الضوئية، قال تعالى: “وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ” (الذاريات: 47).

وتتحكم قوى الجاذبية بين النجوم والكواكب والمجرات، في اتساع الكون وتمدده إلى أجل مسمي، قال تعالى: “اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ” (الرعد: 2).

حقيقة اتساع الكون وتمدده

وتشير الدراسات الكونية إلى وجود قوى مستترة، في اللبنات الأولية للمادة التي خلق منها الكون، تتحكم في بناء الكون في المركز وتمسك بأطرافه وهي أربعة قوي رئيسية، القوة الكهرومغناطيسية، القوة النووية القوية، القوة النووية الضعيفة، الجاذبية، ولكن هناك قوى مجهولة تتحكم في القوى المعلومة.

ويعتقد بأن هذه القوى الأربعة، تمثل أذرع متعددة لقوة عظمى واحدة، تسري في مختلف جنبات الكون وتربطه برباط وثيق وإلَّا لانفرط عقده وانهار في لحظات وهذه القوى الأربعة وغيرها تمثل الدعائم الخفية، التي يقوم عليها بناء الكون، وقد أدركها الكثير من العلماء من خلال آثارها الظاهرة والخفية في كل مكان في الكون المدرك.

وتعتبر قوة الجاذبية على المدى القصير، أضعف القوى المعروفة لنا، تليها القوة النووية الضعيفة المعتمدة على الجسيمات الأولية في الذرات، ثم القوة النووية القوية التي تعتمد على نواة الذرة والإلكترونات، ثم القوة الكهرومغناطيسة، الموجودة في كل مكونات الكون، والتي تمثل القوة العظمى في الكون، نظرًا لطبيعتها التراكمية، فتمسك بكافة أجرام السماء وبمختلف تجمعاتها.

ولولا هذا الرباط المحكم، الذي أودعه الله في الأرض وفي أجرام السماء ما كانت الأرض، ولا كانت السماء، ولو زال هذا الرباط، لانفرط عقد الكون، وانهارت مكوناته.

وإذا كان المعروف عن الكون أقل من 0.01%، والمجهول يمثل 99.99 %، وأن المجهول من المعروف يمثل 99.99% في سلسلة متصلة الحلقات، تبدأ بالعدم وتنتهي بالعدم، قال تعالى: “مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا” (الكهف: 51).

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، لأن اللبنات الأولى التي تكون منها الكون من الذرة والجسيمات الأولية تحمل في مكوناتها وداخلها القوى الأربعة التي تتحكم في وجود الكون إلى أجل مسمى.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »