(12) قيم… رمضانية
أمَّا عند خاصة المسلمين فكان رمضان علامة فارقة بين الإيمان والكفر فوضع خطوط حمراء لا ينبغي للمسلم أن يتخطَّاها وحظرهم من الشرك بالله ومكَّن العلماء والفقهاء من استنباط الأحكام التي تُسهِّل حياة المسلمين فتسعدهم في دنياهم وتجعلهم منسجمين مع الكون وخالقه، حتى لا يعانوا في حياتهم الأمرين بعد أن فقهوا معنى الحياة وأهميتها للحياة الآخرة.
ومن هنا تكمن أهمية هذا الشهر الكريم في حياة المسلمين وفي حياة العالم أجمع، فكان رحمة للبشرية وموجهًا لها إلى طريق الله الذي لا طريق سواه من خلال إحياء المنهج الإيماني الذي انتقل من آدم عليه السلام إلى أبنائه وأحفاده من بعده.
وكلما تعثر الإيمان في قلوب البشر، بعث الله النبيين والمرسلين، كي يرشدوا الناس إلى العودة إلى طريق الله وجادة الصواب وهكذا دار الزمان دورته، حتى بعث سيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم حتى يكمل المسيرة التي بدأها آدم عليه السلام وانتهت بها إلى عيسى عليه السلام.
وهذه المكانة العالية وتلك المنزلة السامية، تنبع من كون أن هذا الشهر الكريم قد اختاره الله سبحانه وتعالى لهداية البشرية جمعاء إلى صراط الله المستقيم على مدار الزمن فنزلت فيه الصحف على إبراهيم خليل الله ونزلت فيه التوارة على موسى كليم الله ونزل فيه الإنجيل على عيسى روح الله ونزل فيه الزبور على داوود الملك الرسول ونزل فيه القرآن الكريم على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الثانية عشرة والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان عن الدائرة الثانية في الدنيا وعرفناها من خلال فهمنا للقرآن الكريم أنه آن الأوان للسير قدمًا خلف محمد صلى الله عليه وسلم والتخلص من كل المناهج الزائفة والباطلة التي صُمِّمَت خصيصًا لتشتيت شمل المسلمين من أجل مصالح ذاتية أو دنيوية ليس للإسلام فيها ناقة ولا جمل.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر