مقالات

الصحة كنز “4”

إذا كانت الصحة كنز، فإن توفير الغذاء هو عمودها الفقري لأنَّ الأمَّة التي لا تتمكن من تجويد الغذاء  بالحفاظ على مساحة الأرض الزراعية التي تُطعم منها مواطنيها ولا تستطيع زيادة رقعتها الزراعية، بحيث تتمكَّن من مد شعوبها بكل احتياجاتهم الغذائية في الحد الأدنى لحل مشاكاهم الصحية، لا يمكن أن تكون أمَّة متقدمة بأي حالٍ من الأحوال.

بل تصبح أمَّة فاشلة ومتخلفة لأنها لم توفر الحد الأدنى لشعوبها من الطعام عماد الصحة وتقدم الأوطان في كل الأوقات.

والأمة التي لا تتمكن من توفير غذائها من عرق جبينها ومن تعب شعبها وجده في زراعة أرضه من أجل الاكتفاء الذاتي والتصدير وتعتمد في غذائها على الآخرين، هي أمَّة هامشية ومهزومة فكريًّا وتعيسة وميؤوس من حالها ووجودها وباطن الأرض خير لها من ظاهرها ولا قيمة لها في وجودها على جغرافيا الحياة وتعيش خارج إطار الحياة، بعد أن فقدت وزنها وقيمتها في توفير أدنى متطلبات الغذاء.

الأمم عليها توفير الغذاء لشعبها

ولذلك نجد أنَّ الأمم الناهضة الواعية والمتقدمة والتي تصنع الحضارة وتنتج العلم وتصنع العلماء في شتى فنون المعرفة، يجب أن تكفي نفسها من غذائها وما يفيض عن حاجتها تقدمه معونة للآخرين، انطلاقًا من المبادئ الإنسانية أو حتى من أجل الحفاظ على مصالحها الذاتية في المدى القريب والبعيد.

أخبروني عن دولة تمتلك قرارها وإرادتها الحرة ولا يعيش شعبها في أمن غذائي وأمان نفسي واستقرار مادي ووفرة في العلم والمعرفة ولا تتمكن من إطعام شعبها من جده وعمله واجتهاده وزراعته لأرضه لأن وجود الفائض من الغذاء هو علامة بارزة من علامات التقدم والازدهار.

الغذاء علامة فارقة في حياة الأمم والشعوب، لأنَّ الأمة التي يفيض غذائها عن حاجتها، هي أمَّة عاقلة ومتزنة وحكيمة وحكومتها رشيدة فهي تهتم بغذاء العقل والروح، وتنمي الفكر وتشعل العاطفة في النفوس، فيزيد الإنتاج ويبرز الفكر الراقي الذي يؤدي إلى الإبداع والابتكار والاختراع.

هذا يؤدي إلى تطوير أفكار جديدة متجددة وينمي المعرفة ويسعى إلى خلق وإيجاد آليات جديدة، تحسن  من أداء العمل وتزيد من حرص العامل عليه، بل وتجعله يسعى إلى تطويره وتحسينه وتجميله، من أجل وصوله إلى العالمية بعد أن أصبح علامة تجارية بارزة ومرموقة يُشار إليها بالبنان.

فالكفاية في الغذاء، هو جزء أساسي من أساسيات الحياة وهو مُكوِّنٌ جوهريٌ من مقومات وجودها، لا غنى عنه في حياة الأمم ونهضة الشعوب وهو علامة من علامات الفطام وتعبير أصيل وبليغ عن بلوغ الأمة سن الرشد بالاعتماد على نفسها، وعدم مد يدها للآخرين، من أجل الحصول على طعامها.

أنظر إلى مقومات الصين والهند بأعدادهما المليارية في توفير الغذاء للشعوب، دون الحاجة إلى معونات من الآخرين.

ضرورة توفير المياه في كل الأوقات

والكفاية في الغذاء يحتاج إلى توفير الماء ونظافته في كل الأوقات، لأنَّ الماء يلعب دورًا محوريًّا في الحفاظ على صحة الإنسان، من خلال تنظيف الخلايا والأنسجة والأعضاء والأجهزالمختلفة لجسم الإنسان من المخلفات الناتجة من العمليات الحيوية داخل الجسم، كما أنَّه يُقوي الجهاز المناعي ويمنعه من الانهيار لأنَّ الماء يُمثل 71% من وزن الجسم و85% من وزن المخ.

لذلك فإنَّ تنقية الماء وتوفير مياه شرب نقية تًمثل ضرورة قصوى من أجل الحفاظ على الصحة العامة للناس وزيادة فاعلية وحيوية الجهاز المناعي.

وهذا يستدعي توصيل مياه الشرب النقية إلى كل الناس والحد من كل الملوثات التي تلوث الماء بشكل دوري وفي نفس الوقت الحفاظ على الهواء خالٍ من الملوثات.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »