مقالات

(12) مكانة العلم والعلماء في الإسلام

إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم في وصاياه قد أوصى بالجد والاجتهاد في طلب العلم وإذا كان العلم هو الوسيلة التي نفهم بها الإسلام، كما أكدها القرآن الكريم في أول لقاء بين السماء والأرض في عنوان أول سورة وهي سورة العلق المشتق اسمها من معنى طبي وهو أحد أهم مراحل تكوين الجنين.

ما يعني أن الإسلام اهتم بالمعنى العلمي لبنية الإنسان وقدمه على المعنى الفقهي المتعلق بالروح والمنهج وهذا طبيعي وممنهج في تسلسل الأشياء، لأن خلق آدم من تراب تقدم على بعث الروح فيه حتى يصير بشرًا سويًّا.

وإلَّا استحقت سورة الحج أن تكون هي أول سورة تنزل في القرآن الكريم، بدلًا من سورة العلق وهذا له دلالة علمية كبيرة، على أنَّ الإسلام دين العلم والمعرفة قبل أن يكون دين المنهج والشريعة بالرغم من أن كلاهما يكمل الآخر، ولا غنى لأحدهما عن الآخر، كالروح والجسد.

وهذا يعني في مجمله ما يعني أن فقه العلم المادي بالحياة وما فيها يتقدم على علم الشريعة وفي نفس الوقت يحمي فقه الشريعة ويدافع عنه.

وهذا يؤكد بما لا يدع مجال للشك تعاضد علم المادة المتعلق بالبدن والجسد مع علم المنهج المتعلق بالروح، وكلاهما يغذي النفس الإنسانية بدنًا وروحًا فلا غنى عن علم المادة للروح ولا غنى عن علم الروح للمادة، لأنَّ كلاهما يتكاملان مع بعضهما البعض الآخر.

الإسلام دين العلم

ومن هنا نجد أن الإسلام الذي يجب أن نعرفه يرى أنَّ هذا التكامل في محله، فلا يمكن للمنهج المادي أن يطغى على المنهج المعنوي أو يستغنى عنه ولا يمكن للمنهج المعنوي أن يطغى على المنهج المادي أو يستغنى عنه في الحياة.

ولذلك فعلماء المادة لهم دور محوري وفعال في توصيل رسالة الإسلام الصحيح إلى الناس القائم على الحقائق العلمية وعلماء الشريعة لهم نفس الدور الفعال في توصيل رسالة الإسلام الصحيحة القائمة على منهج الشريعة المنبثق عن منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة.

ومن ثمَّ فإن الاعتماد على علماء الشريعة أو الدين فقط في فهم الإسلام، فهم قاصر للإسلام وخطأ قاتل لأنهم لا يفهمون إلَّا القليل عن علوم الحياة والاعتماد على علماء المادة فقط في فهم الإسلام هو فهم قاصر للإسلام وخطأ قاتل لأنهم لا يفهمون إلا القليل عن مقاصد الشريعة.

ولذلك من الأصوب والأصلح لهذه الأمة أن تلازم الفكرين في العلم والشريعة ويجتمع الاثنين معًا من أجل أن يتكامل علم الشريعة مع علم الحياة كالروح والجسد.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »