مقالات

(74) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية

هذا التمدد في الكون والذي يعتمد على الطاقة المنبعثة من داخله، على مستوى الكواكب والنجوم والمجرات، ومن الإنسان على مستوى الخلايا والأنسجة والأعضاء، وعلى مستوى الحرف والكلمة والآية في القرآن الكريم، هو الذي يضبط ميزان الكون ويحافظ على وجوده ويمنعه من الانهيار.

وهذا الربط بين المكونات المختلفة للكون والإنسان، والذي تمثل فيه الصيانة الذاتية لكل منهما العنصرالمشترك لهذه المكونات، وبهما يحيا الكون ويعيش الإنسان، باعتبار أن الكون والإنسان وجهان لعملة واحدة، كلاهما يحتوي على المادة ويحتوي الروح، وكلاهما كانا وما زالا سببًا جوهريًا في وجودهما وتماسكهما وسبب مصيري في وجود حياتهما، وسبب حصري على استمرارهما في الحياة بشكل مؤقت إلى أجل مسمى.

إلَّا أنه على مستوى القرآن الكريم بأحرفه وكلماته وآياته، فإن الطاقة المنبعثة منه، تدعم وجود الكون وتحمي الإنسان وتمنعه من الانهيار وتدفعه إلى البقاء، بالرغم من الصيانة الذاتية الكامنة في كل حرف من أحرفه وكل كلمة من كلماته وكل سورة من سوره.

الطاقة الكامنة في اسم الله

فما بالك بالطاقة الكامنة في اسم الله والطاقة المحبوسة في أسمائه الحسنى، والطاقة المنبعثة من اسم الله الأعظم، والطاقة الدواره في أرجاء الكون على مستوى الأحرف، وفي مكونات الذرات والجسيمات الأولية والجزيئات في كل المخلوقات والمنطلقة من سم الله، في أحرفه وكلامه.

 إنها طاقة هائلة ولا نهائية، تحمي الكون وتحافظ على وجود الإنسان وسائر الكائنات، حتى يأتي يوم الانفجار العظيم، بعد اختفاء القرآن الكريم ومحوه من السطور ونزعه بقوة من الصدور، ساعتها تقوم القيامة على شرار الخلق من الناس، الذين لا يقدرون الله حق قدره ومقداره ولا يعظمون مكانته في نفوسهم، التي وهبتهم الحياة ومنحتهم القوة في حماية أنفسهم والدفاع عنها والعيش والبقاء إلى حين.

 فلا يجد شرار الخلق من مفر، سوى حدوث الانفجار العظيم وانهيار الكون وموت الإنسان، وقيام القيامة، بعد اختفاء الحرف والكلمة والآية، من آيات القرآن الكريم، وذهابها من صدره، ولا يجدها في الكتب من حوله، بعد أن مسحت الأحرف والكلمات والآيات، وتحول القرآن الكريم إلى ورق أبيض لا وجود فيه لأي كلمة من كلمات القرآن الكريم.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يربط بين وجود الكون واستمراره وبقاء الإنسان فيه والطاقة المنبعثة من أحرف وكلمات وآيات القرآن الكريم، ومن الكوكب والنجوم والمجرات في الكون، وبين الخلايا والأعضاء والأجهزة في الإنسان برباط وثيق، يؤكد عظم الصلة والتواصل بينهم، فالقرآن كلام الله والكون والإنسان خلق الله وكلاهما وجد من أجل استمرار الحياة إلى حين.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق