(16) الإسلام… والقبلتين
الإسلام أصبح صاحب المسجدين والقبلتين وحاز على خلافة الأرض والسماوات العلا في الإسراء والمعراج، فأصبح الدين عند الله الإسلام، فلا مجال للتشكيك في القرآن الكريم ولا مجال في التشكيك في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم في وجود حقائق على الأرض تؤكد ذلك لا ينكرها إلا سفيه والتي تدل على عالمية الإسلام وانتقال ميراث الخلافة وميراث الرسالة إلى الإسلام في شخص محمد صلى الله عليه وسلم، فكانت رحلة الإسراء والمعراج وكان تحويل القبلة.
واستمرارًا لآلية التشكيك التي ابتدعها اليهود على مر التاريخ حتى يفقد المسلمون الثقة في دينهم في أمر تحويل القبلة كان هناك الدليل في كتبهم والذي يثبت لأهل الكتاب من اليهود أن الرسول الذي يأتي سيتوجه إلى بيت المقدس قبلة الأنبياء والمرسلين من قبله ثم يتوجه إلى البيت الحرام والكعبة المشرفة لتكون قبلته إلى قيام الساعة وهذا معناه أنه حاز القبلتين كما جاء في التوراة وأنهم إن ظنوا أن الله قد غفل عما أوحي به إلى موسى عليه السلام، فهو لم يغفل عما قاله في التوراة، مصداقًا لقوله: “وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ” (البقرة: 144).
خلافة الأرض والرسول صلى الله عليه وسلم
وأكد الله سبحانه وتعالى أن عناد أهل الكتاب سيظل قائمًا ودائمًا ومستمرًا للإسلام ورسوله، مهما جاءتهم من آيات بينات وليعلموا أنك لن تعود مرة أخرى إلى قبلتهم، لأنك قد حزت على القبلتين فلن يتفقوا على الباطل الذي يؤمنون به، فكيف يتفقون على تحويل القبلة، قال تعالى: “وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ۚ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ۚ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ ۚ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ” (البقرة: 145).
ثم يحذر الله سبحانه وتعالى المؤمنين في شخص محمد صلى الله عليه وسلم من اتباع أهواء أهل الكتاب: “وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ” (البقرة: 145).
وإن الأمر بالتوجه إلى البيت الحرام، أمر نهائي لا رجعة فيه ولا عودة عنه مرة أخرى، فهذا هو الأمر النهائي، لأن الذي يعطي الخصوصية والقداسة للمكان هو الله سبحانه وتعالى فبيت المقدس ليس له خصوصية ولا الكعبة لها خصوصية، ولكن الذي أعطاهما ومنحهما هذه الخصوصية هو الله سبحانه وتعالى، لأن الأمر كله في نهاية المطاف بيد لله سبحانه وتعالى، وليس كما يقول سفهاء أهل الكتاب، قال تعالى: “سَيَقُوْلُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عليها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ” (البقرة: 142).
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب جامعة الأزهر