(4) إشرقات… رمضانية
كل الكائنات مسيرة في خدمة الإنسان وميَّز الله الإنسان بصفة الاختيار في أن يؤمن بربه ويطيعه أو في أن يكفر بربه ويعصاه وكان لهذه المساحة في الاختيار أثر فعال في تحديد مسيرة الإنسان في الحياة برضاه، فهي التي تحدد عمَّا إذا كان الإنسان سيختار الطاعة المبنية على كل هذه المعطيات من النعم والخيرات التي أنعم بها ربه عليه ومنحها إياه بعد وضوح كل هذه المعطيات والبراهين الموجودة في الكون والظاهرة في خلق الإنسان وغيره من الكائنات الحية وعمَّا إذا كان سيختار المعصية لأوامر الله سبحانه وتعالى والمبنية أيضًا على هذا الاختيار.
ومن هنا كانت مسيرة الإنسان في الحياة مزيجًا من المادة والروح ومزيجًا من التخيير والتسيير، فكان مخيرًا بعقله وحواسه الإدراكية في أمور تتعلق بحياته وعلاقته بالإنسان الآخر وكان مسيرًا في حياته في العملية التقنية المتعلقة بالوظائف الحيوية لخلاياه وأنسجة وأعضاء وأجهزة جسمه المختلفة.
فالإنسان لا يستطيع مثلًا في أن يتحكم في وسائل الإخراج في العرق والبول والبراز، فما بالك بالتحكم في ضربات القلب والتنفس في الشهيق والزفير عوضًا عن الهضم والأيض وكل العمليات الحيوية المركبة والمتعلقة بالهرمونات والإنزيمات وغيرها من العمليات الحيوية المعقدة على مستوى خلايا الجسم.
وهذا فيه إعجاز فمن حسن حظ الإنسان ونعم الله عليه أن جعله مختارًا في الكليات ومسيرًا في الجزئيات ولولا هذا لانهار الإنسان وسقط مغشيًّا عليه بل ومات ودفن في التراب في لحظات من أول اختبار في الاختيار في مسئوليته عن ضربات قلبه التي تجعله لا ينام بالليل ولا يرتاح في النهار حتى لا يتوقف قلبه بالاختيار فيتوقف بفعل التعب والإرهاق.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر