إذا كان الماء يتكوَّن من ذرتين من الهيدروجين وذرة واحدة من الأكسجين وأن الكون قد خُلِق من ذرة واحدة من الهيدروجين، كما أثبت العلم الحديث والذي يُمثِّل فيه الهيدروجين الغاز الكوني، فإنَّه من الضروري أن توجد علاقة وطيدة بين خلق السماوات والأرض ووجود الماء الموجود تحت عرش الرحمن.
وإذا كانت ذرة الهيدروجين هي الأصل في خلق الكون ونشأته ووجوده، فإنها تتكون من واحد بروتون في النواة وواحد إلكترون يدور حولها إلَّا في حالة الاستثناء وهي قليلة ونادرة، فنظير الهيدروجين هو الديوتيريوم ويتكون من واحد بروتون وواحد نيترون، والتريتيوم يتكون من بروتون واحد واثنين نيوترون.
الكون خُلِق من ذرة واحدة من الهيدروجين
وفي ذرة الهيدروجين يمثل البروتون الشحنة الموجبة وكتلته أكبر 1838 مرة من كتلة الإلكترون ذو الشحنة السالبة وشحنة كل من البروتون والإلكترون متساويتان، ولكنهما مختلفتان، فالبروتون ذو شحنة أساسية موجبة والإلكترون ذو شحنة أساسية سالبة.
وبالرغم من رؤيتنا للماء في أحواله الثلاثة؛ السائلة والصلبة والغازية، إلا أنَّه لا لون له ولا طعم ولا رائحة، ورؤيتنا للجزء المنظور والمرئي من الماء يمثل أقل من 0.01% في أحواله الثلاثة، إلا أن مكونات الماء غير المنظورة وغير المرئية من ذرتين من الهيدروجين وذرة من الأكسجين تُمثل 99.99%.
وهذه الحقيقة العلمية الثابتة، تؤكد أننا لا نرى شيء من مكونات الماء مع أنه مصدر الحياة، سواء كان على مستوى ذرتي الهيدروجين أو ذرة الأكسجين، وما ينطبق على الماء ينطبق على الغذاء الذي به تستمر الحياة في البروتين والنشويات والسكريات والدهون والأملاح المعدنية والفيتامينات والتي لا نرى منها سوى أقل من 0.01% والذي لا نراه يمثل أكثر من 99.99%.
أمَّا الهواء ومكوناته في الأكسجين 21%، والنيتروجين 79%، فالذي نراه منه يمثل صفر في المائة والذي لا نراه منه 100%، ومع ذلك لو غاب لحظة مات الإنسان وفارق الحياة، فإذا كنا لا نرى الهواء إكسير الحياة فكيف ينكر الملحد وجود الله لأنه لا يراه؟
وإذا كنا لا نرى دورة تكوين الهواء والماء والغذاء في الكون، مع أنها موجودة ودائمة ومتغيرة وتمدنا بكل أسباب الحياة، فكيف ينكر الملحد وجود الله لأنه لا يراه؟
لأن إنكار وجود الله في هذه الحالة فكرة عبثية للملحد، الذي يعتمد قوام حياته على الهواء والماء والغذاء ولا يمكن الاستغناء عنها إلا في حالة الوفاة.
القضاء على فكر الملحد
وتجدد الماء والغذاء والهواء على مدار اللحظة حسب طبيعة الزمان والمكان الموجود فيه، والدورة التي تؤهله، يؤكد طبيعة البعث والفناء في مكونات الماء والغذاء والهواء الذي يتجدد باستمرار، وهذا يقضي على فكر الكافر الذي ينكر قضية البعث بعد الموت.
وهذا فيه إعجاز علمي هائل وعظيم، لأن خلق السماوات والأرض وعلاقتهما بوجود الهواء والماء والغذاء، تقضي على فكر الملحد والكافر، وتؤكد أن الله هو الذي خلق هذا الكون العملاق، بعلمه وسواه بخبرته ولطفه.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد