(15) مصر… في الحج
كان حلم النصر يرواد الفراعنة بالقبض على بني إسرائيل وقتلهم والتخلص من شرورهم إلى الأبد، لما يملكون من قدرات تسليحية عالية، فقد كان الفراعنة يملكون أعظم جيش في الأرض ويملكون خبرة تكتيكية في إدارة المعارك ومعرفة طويلة بطرق ومخارج ومداخل مصر.
وكان حلم التخلص، من الفرعون وبطشه، محل اعتبار من موسى وقومه ولكن كان حلم الفرعون الأكبر القضاء على موسى بعد أن خان العشرة وتطاول عليه -كما يرى فرعون في موسى- فكان كلاهما يتربص بالآخر، وكان كلاهما يداعبه الحلم بالتخلص من الآخر، ولكن في نهاية المطاف انتصرت إرادة الخالق سبحانه وتعالى القوي المتين على المخلوق الضعيف، فنصر المظلوم واقتص له من الظالم وانتهت العدواة بإنقاذ موسى وقومه وهلاك فرعون وقومه.
ولم يكن يرواد الفرعون وقومه في أي لحظة من اللحظات حلم الغرق على الإطلاق، بل كانوا واثقين من هزيمة موسى وقومه، وكانوا يعتبرون النصر حليفهم، ولكن بعد رؤية فرعون وقومه انفلاق البحر الأحمر إلى جزئين، انقلبت موازين القوى رأسًا على عقب، وأصيب الجميع بالدهشة البالغة، خاصة رؤيته بني إسرائيل وقد توزعوا على 12 طريقًا في قلب البحر الأحمر ونزل بني إسرائيل مسرعين، وكل طريق يستوعب قبيلة قوامها 50 ألفًا، حتى وصل العدد 600 ألف داخل البحر وعندما تحرك بني إسرائيل أسرع الفرعون وجنوده بالركوض خلفهم لعله يلحق بهم.
ولكن خاب أمله وضاع مسعاه ورجاءه وشعر بالهزيمة قبل غرقه، فأصابه الخوف وعندما سقط في عرض البحر، أصيب بالإغماء والاختناق والغرق مثل باقي قومه لم ينفعه هامان الذي أغراه بالسلطة ولم يدفع عنه قارون الغرق الذي أغراه قانونه بجمع المال.
غرق فرعون ومعه هامان وكان الثلاثة سببًا في إضلال الفراعنة وانهيار حضارتهم، التي لم يستطيعوا حمايتها بالرغم من تقدمها العلمي الهائل في كل مجال.
تحقق حلم النصر لموسى عليه السلام
وفي نهاية المطاف تحقَّق الحلمين، حلم الإنقاذ لموسى وقومه فنجي الله موسى وبني إسرائيل، بالرغم من ضعفهم وقلة عددهم وفقرهم بسبب تأييد الله لموسى عليه السلام بمعجزة العصى وتحقق حلم الإغراق للفرعون وقومه والذي لم يكن متوقع ولو في الأحلام، بالرغم من قوة فرعون وكثرة جنوده وغناه، لأنه مؤيد من الشيطان بعد إدعائه الألوهية.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فشخص يستطيع إنقاذ أمة مثل موسى وشخص يستطيع تدمير أمة مثل فرعون والميزان في كلا الحالتين إيمان بالله في الأولى وكفر به في الثانية.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد