مقالات

(49) مصر… في الحج   

بدأ فصل جديد من فصول إعادة بناء الكعبة، ولكن في هذه المرة على يد هذا الطفل الرضيع الذي لا يملك من أمره شيء فالأمر كله لله سبحانه وتعالى وفي الأيام الأولى من سكن هاجر وإسماعيل لمكة المكرمة، انتهت المؤنة ونفذ الطعام القليل، الذي تركه إبراهيم بحوزة هاجر وإسماعيل، وبدأ الطفل الرضيع يبكي ويتلوى من شدة الجوع والعطش وقلة الرضاعة، بعد أن نفذ كل شيء من هاجر عليها السلام.

وكان قلة الزاد وعدم وجود طعام تتغذى عليه الأم لإنقاذ رضيعها، إعلان من الله سبحانه وتعالى، ببدء تدشين مراسم ومناسك الحج ومشاعره والذي دفع السيدة هاجر بقوة إلى السعي بين جبلين عظيمين وشامخين هما “الصفا والمروة”، بحثًا عن الغذاء والماء لإطعام رضيعها ولم تتوانى أو تضعف أمام بذل الجهد المضاعف، حتى تبحث عن مخرج من المعاناة التي تعيش بعد تركها وحيدة في مكان مقفر خالٍ من كل أسباب الحياة.

فكانت تبحث عن بارقة أمل، لإطعام رضيعها حتى ولم يكن هناك أمل يلوح في الأفق من أجل إنقاذ هاجر لرضيعها في هذه الأوقات الصعبة والمحنة العصيبة التي ألمت بها وتعرض لها طفلها الرضيع، بعد أن شعرت بالموت والهلاك لغياب الطعام، وكلاهما لا يملك من أمره شيء، مما يعني أن في باطن كل محنة منحة ورحمة من الله.

لم يكن هناك أمل للإنقاذ ولكنها أخذت بكل أسباب البقاء، فأخذت تجري مسرعة بين الجبال، لعل أحد يغيثها أو تجد معونة على إطعام رضيعها، حتى استبد بها التعب والمشقة والإرهاق، وما زال يصم أذنيها وتسمع نفسها الحوار الذي دار بينها وإبراهيم عليه السلام، وردها عليه إن كان أمر من الله إذا لن يضيعنا.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن في بطن كل محنة منحة من الله خالق الأرض والسماوات وخالق الإنسان.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق