(64) مصر… في الحج
كل الأدلة القطعية والبراهين الساطعة والحجج المنطقية والقرائن العقلية، الواقعة على أرض الواقع من القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال الصحابة والتابعين، والأحداث التاريخية المتصلة بقضية الذبح، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الذبيح هو إسماعيل عليه السلام.
كانت البداية عندما طلب إبراهيم عليه السلام الهداية من ربه، بعد نجاته من النار، فترك بلده العراق التي أنقذه الله فيها من الحرق على يد النمرود، ورفض قومه الإيمان برسالته، وعدم امتثالهم لدعوته بالإيمان بوحدانية الله وترك عبادة الأصنام، فكان طلبه من الله أن يرزقه غلام على قدر من الصلاح بعد أن عصاه قومه، وكان المقصود بالغلام إسماعيل عليه السلام.
قال تعالى: “وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ” (الصافات: 99- 100).
فجاء الرد من الله سبحانه وتعالى على دعاء إبراهيم عليه السلام، وطلبه الولد بالاستجابة الفورية، فكانت البشارة بأول طفل يولد له وهو إسماعيل ابنه الأكبر الذي تؤكد كل الآيات القرآنية عليه، والمقصود بالغلام الحليم هو الابن البكر لإبراهيم، لأن البلاء فيه أكبر والاختبار فيه أصعب وأعظم، لأنه الولد الوحيد الذي تمناه إبراهيم من ربه بعد طول انتظار، قال تعالى: “فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ” (الصافات: 101).
بشارة الله لإبراهيم عليه السلام
كانت البشارة الأولى من الله لإبراهيم عليه السلام بالغلام الحليم، والمقصود به إسماعيل عليه السلام، قبل أن يتزوج إبراهيم من هاجر عليهما السلام، لأن كل هذه الأفكار كانت تتداعى في رأس إبراهيم عليه السلام، عندما ترك بلده العراق متجهًا إلى فلسطين.
فكان الغلام إسماعيل الذي يتميَّز بالحلم وسعة الصدر وحسن الخلق والعفو، ووصف بالصبر، عندما أبلغه إبراهيم بقضية الذبح، فعندما همَّ بذبحه، قال بلسانه دون تردد منه، بل استعانة بالله، فكان الرد الجميل من ابن جميل على أب جميل، أثار فيه عاطفة الأبوة، قال تعالى: “قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ” (الصافات: 102).
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، في أن يكون إسماعيل هو الغلام الحليم، الذي بشر به إبراهيم قبل الزواج من هاجر عليها السلام بسنين.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد