مقالات

(5) مشروع الفسيلة… ودروس من الهجرة

تمدد الإسلام وانتشاره، في أرجاء العالم على سعته واتساعه، قد خرج من بين غارين ضيقين، غار حراء وغار ثور ومن خلال الإدارة المخلصة والتخطيط المحكم، والتدبير المتقن والقيادة الواعية والعمل الجاد والدؤوب، والتفكير المنظم والمرتب، ثم الاعتماد والتوكل على الله والذي كان في صرته ومركز دائرته العمل الجماعي.

والذي كان فيه كل فرد يعرف الدور الذي يجب عليه أن يقوم به ويؤديه، وعظم المسئولية  المنوطة به والملقاة على عاتقه، ومدى قدرته على الصمود والمقاومة ضد كل التحديات الجسام، التي سوف يتعرض لها والتي كان على رأسها اجتثاث الإسلام من جذوره.

وقاد هذا العمل الجماعي بإخلاص وحكمة وهمة واقتدار، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشاركه فيه ثلة من الأولين المخلصين الأطهار من أصحابه الأبرار بإيمان وإخلاص، والتي مزجت فيه بين كل عناصر الأمة من جيل الصبية إلى جيل الفتوة والشباب وجيل الشيوخ والشياب، وبمشاركة فعالة من الفتيات والنساء، بلا استقباط في اختيار الكفاءات، وفي وجود الضمير الحي واليقظ، من خلال الطاعة لله ورسوله والعمل والتفاني والجد والإخلاص والاجتهاد والصبر والمثابرة والكفاح.

تمدد الإسلام وانتشاره في أرجاء العالم

نجح الرسول وصحبه الكرام، من إخراج الإسلام من ضيق مكة وحصارها ومطاردتها له وحربها عليه ووقوفها ضده، ومحاولات قتله والتخلص منه، إلى سعة المدينة وحمايتها له ودفاعها عنه بكل ما تملك، من قوة المال والرجال والعتاد، ومنها انطلق الإسلام بقوة اليقين بالله والإخلاص له إلى العالم أجمع، حيث الحرية والعدل والمساواة والحب والتسامح بين جميع البشر.

وبخروج الإسلام من مكة إلى المدينة، خرج المسلمون من كل دروب اليأس والإحباط إلى تباشير الأمل والتمني والرجاء، ومن الخوف والرعب إلى الأمن والأمان والاستقرار، ومن الكراهية والبغضاء إلى الحب والتسامح والإخاء، ومن البخل في الإنفاق إلى سعة البسط والبذل والعطاء ومن الضعف والمذلة إلى القوة والمنعة، ومن العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد ومن التفرق والتفكك والتشرذم إلى الوحدة والتكاتف والترابط والتعاضد ولملمة الصفوف.

ومن العنصرية البغيضة والطائفية المقيتة والاستقطاب، وحب الذات والشخصنة والأنانية، إلى العمل لمصلحة الناس في الدنيا والآخرة، ومن العمل للقبلية والعائلة إلى العمل للإسلام، ومن العمل الفردي إلى العمل الجماعي، ومن الخنوع والاستسلام إلى القوة والمقاومة والاستبسال، ومن حب الدنيا إلى حب الدنيا والآخرة، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن السرية إلى العلنية ومن الجمود والتجمد إلى التغيير والانفتاح، ومن السكون إلى الحركة والانطلاق، ومن التباهي بالأحساب والأنساب إلى التباهي بالإسلام.

ومن الخوف والجبن، إلى الموت وحب الشهادة والتضحية والفداء، ومن الفشل إلى النجاح، ومن الجوع إلى الشبع ومن الفقر إلى الغني، ومن إلغاء العقل والعلم إلى استحضار العقل والعلم في كل مجالات الحياة، ومن الجهل والأمية إلى تعلم القراءة والكتابة وكل فنون العلم والمعرفة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق