مقالات

(59) خلق آدم من تراب… معجزة إلهية

إذا كانت هناك توأمة بين الكلمة والشجرة، فهذه العلاقة الطيبة قد أصبحت واضحة وقائمة ووطيدة بين الكلمة الطيبة والشجرة الطيبة، فالمعنى في الكلمة الذي يقف خلف الكلمة بماديتها ومعنويتها، أكثر تعقيدًا وأشد عمقًا وتأثيرًا، مما يعتقده البعض بكثير.

لأن الكلمة إذا كانت تُعبِّر عن إنسان وزنه مائة كيلو جرام، ويحمل مائة تريليون خلية مادية، فكل خلية من هذه الخلايا المجهرية، تحتاج إلى طاقة يومية للقيام بوظائفها الحيوية، تقدر بحوالي تريليون وستمائة مليار قطعة إدنيزون ثلاثي الفوسفات.

وهذه الخلية المجهرية، والتي لا يتعدى حجمها 50 ميكروميتر في المتوسط، والميكروميتر الواحد هو واحد من مليون من الميتر، والتي تنتج هذا الكم الهائل من الطاقة، تمر بأربعة مراحل مجهرية، في المرحلة الأولى يجب أن يتوفر لدى الخلية الأدنيزون وهو بروتين والفوسفات وهو معدن، ثم في المرحلة الثانية، يتحد الأدنيزوين مع الفوسفات ليكون أدنيزوين أحادي الفوسفات، ثم في المرحلة الثالثة، يتحد إدنيزوين أحادي الفوسفات مع الفوسفات، ليكون أدنيزوين ثنائي الفوسفات، ثم يتحد إدنيزون ثنائي الفوسفات مع الفوسفات، ليكون أدنيزوين ثلاثي الفوسفات، في وجود عوامل مساعدة كثيرة من الإنزيمات وغيرها.

فيوفر هذه الطاقة الهائلة داخل الخلية، والتي تمر بأربعة مراحل، تدخل فيها مواد، مقدارها ستة تريليون وأربعمائة مليار، وفي هذه المراحل تحدث فيها ستة تريليون وأربعمائة مليار عملية بعث وفناء في الحد الأدنى، في وجود الكثير من العوامل المساعدة الأخرى، حتى تكون الطاقة اللازمة والكافية، لغذاء خلية واحدة حجمها 50 ميكروميتر.

وهذه الطاقة التي تكونها الخلية الواحدة، وتمر بهذه المراحل الأربعة، تريليون وستمائة مليار أيدنيزوين ثلاثي الفوسفات في الحد الأدنى، كل أربعة وعشرون ساعة، ومقدار الطاقة المادية المنبعثة، من الخلية الواحدة في الثانية الواحدة، مليار وات طاقة، تضيء مدينة مثل القاهرة، فكم تكون مقدار الطاقة المادية والمعنوية التي تحملها الكلمة في طياتها وتعبر عن المائة تريليون خلية.

الكلمة سر عظيم من أسرار الله

وهذا معناه أن الكلمة سر عظيم، من أسرار الخالق سبحانه وتعالى، وهبها للإنسان كي يعبر بها عن نفسه ويسعى بها في الخير ومرضاة ربه ويدافع بها عن الحق ويزهق بها الباطل، ويعلي بها من شأن العدل والمساواة بين البشر.

فيرفع عن كاهلهم الظلم، فيتساوون في الحقوق والواجبات، لا فضل لأحدهم على الآخر إلَّا بالتقوى والعمل الصالح الذي يصلح به حال نفسه ويسعى بكل جد وأمانة من إصلاح حال الآخرين، فينصلح حال المجتمعات والدول والأمم والقارات، وهذا هو الهدف من وجود الإنسان في الأرض من أجل عمارة الكون واستمرار الحياة.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، تظهر لنا الكم الهائل من الطاقة، المحبوس في الكلمة الواحدة وحروفها في الثانية الواحدة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق