مقالات

 الإنسان والحياة

لا بد أن ندرك ماهية ووظيفة الإنسان في هذه الحياة، ولا بد أن نعي أهمية وجود الإنسان في هذه الحياة، حتي نتمكن من الإحاطة العقلية والمعرفية والعملية ، بقيمة الحياة واثرها علي بني البشر، وحتي نتمكن من إستيعاب حقائقها، ونعلم مكنوناتها، ونعرف كيف نتعامل معها، ونكون علي اهبة الإستعداد الدائم والمستمر لمغادرة الحياة، حتي لا نأخذ علي حين غرة، فندرك الحقيقة بعد فوات الأوان، وبعد المغادرة وشد الرحال الي الأخرة، ساعتها سنندم، ونتمنا العودة الي الدنيا كي نصلح الحال، يوم لا ينفع الندم وتصبح العودة اليها من المحال، بل ومن رابع المستحيلات، فكان لزاما علينا أن نتعلم الدرس ممن سبقونا، في هذه الحياه ، وعاشوا فيها ردح من الزمان، وتركوها  لنا، كي نعيشها نحن، كما عاشوها، فترة مؤقتة ومحدودة من عمر الزمان، هي عمرنا الباقي فيها، فنسميها ثواني أودقائق أوساعات، أو حتي ايام وليالي وأسابيع، وأشهر وسنوات وعقود، وفي أقصاها قرن واحد من الزمان .

وندرس كل خطوة خطوها في الحياة، بخيرها وشرها، ولذلك كان التاريخ، هو صانع الأحداث، وهو صرة الزمن المطمورة، في كل جانب من جوانب الكون الفسيح، في الماضي السحيق من خلال العبر والعظات، وفي الماضي القريب، من خلال القصص التي تروي عن مأل الأمم السابقة، ونهايتها المأسوية، بالرغم من صناعتهم وانتاجهم للحضارات، والذين سبقونا الي هذه الحياة، وظلموا انفسهم، فأهلكوها، بعد خروجها عن الناموس الألهي، في التزام الطاعة والحفاظ علي العبادات، وعدم انتهاك الحرمات، من الأعتداء علي الأنفس والمال والأعراض، ونتلمسه في واقعنا المعاصر، علي بعد خطوات، تترواح بين السنوات والعقود واقصاها قرن من الزمان،  نستلهم منها الوسطية والإعتدال، والقوة في الحق، والقدرة علي إنصاف المظلومين، وردع الظالمين، من أجل استمرار الحياة ، ونعي الدرس ونستوعبه، والذي يقول لنا، إننا هنا في هذه الحياة، لم نأتي فيها عبثا، ولم نأتي فيها للبقاء والدوام، وإنما أتينا لحكمة أرادها الله الخالق الواهب، خلفاءه في أرضه، يخلف بعضنا بعضا، دون أي تأخير ودون أي إبطأ، عندما يأتي الأمر الإلهي بالخروج من الحياة.

وفي هذه الفترة الزمنية المحدودة، من عمر الإنسان في هذه الحياة، كان يجب عليه  أن يتدبر أمره، ويدبر حياته ومعاشه، في أن يعيش في أمن وأمان، وسلام واطمئنان، ورفاهية ورخاء مع نفسه، ومع الجيران، علي إمتداد الكرة الأرضية، في وجود كل هذه الخيرات، وكل هذه النعم التي لا تعد ولا تحصي، وفي وجود كل هذه المنح الربانية، وتلك الخدمات الألهية، التي أوجدها الله سبحانه وتعالي لبني البشر، وخلقها لهم في الحياة من أجل استبقاء الحياة، وكفايتها ورفاهيتها، لكل الأجيال، فكل الكائنات تقدم خدماتها طائعة منقاده بأمره سبحانه وتعالي، لبني البشر، دون منا منها أو معايره أو إدعاء، كما يفعل بني البشري في كل زمان ومكان، والتي بدونها لا يستطيع أن يعيش هذا الإنسان لحظة واحدة من عمر الزمان، علي الكرة الأرضية.

ولا يكتفي باستيعابه لمشوار الحياة في الدنيا، طال أو قصر، بل عليه أن يتذكر دائما، ويعي أن هناك لقاء أخر،  في الأخرة، سوف يأتي علي ميعاد، يعاقب فيه الخائن والمجرم والجبان، علي أفعاله، بعد أن رفع عنه الغطاء، وبعد أن أصبح خاوي الوفاض، وبعد أن أصبح عاريا من ورقة التوت التي تستر عورته، والتي يسميها قانون، تم تزويره، ووضعه علي مقاسه، من أجل أن يظل الظلم والطغيان، بلا أخر ولا نهاية للزمان ولا حدود للمكان، وإلا تحولت الحياة الي فوضي وظلم وعشوائية، في غياب الثواب والعقاب ، وفي أكل أموال الناس بالباطل، وانتهاك الحرية والعدالة والمقدسات، بعد أن تربع الظالم والطاغية، علي كرسي المصلحة، من أول درجة الي أخرها في سلم الترقيات.

والعجيب في كل الذي فات، وفي أمر هذا الإنسان المؤقت، التي أتي الي الدنيا، والتي قد يعيش فيها برهة من الوقت، تعد بعشرات السنوات، وهي في علم الله، لا تساوي ساعة، أو قل حتي سويعات، إذا قيست بالمسافات بين الكواكب في المجموعة الشمسية، أو بين الكواكب التي تعد بالمليارات في المجرة الواحدة، في وجود مليارات المجرات، وبينها مسافات ضوئية شاسعة، تقدر بألاف السنوات الضوئية ، ونحن نعلم أن سرعة الضوء في الثانية الواحدة، تقدر بثلثمائة وخمسين الف ميل، فضوء الشمس يصل الينا في تسع دقائق ويقطع مسافة تقترب من 98 مليون ميل، فسبحان مبدع السموات والأرض وخالق الإنسان، فكيف يمكن المقارنة أو المقاربة بين هذا وذاك.

بل إن الذي يثير الدهشة والعجب في هذا الكائن الحي ، الذي يقال عنه إنسان، هو في ميلاد حياته، وفي أفول نجمه ومماته، فعندما يتزوج الإنسان، بعد مسيرة طويلة من المعاناة، في غياب السكن والوظيفة والمال، بفعل أهل الظلم والطغيان، الذين تربعوا علي عرش السلطة، دون أي مقابل من وجودهم، سوي نشر وانتشارالفقر والجوع والحرمان، بالرغم من التمثيل علينا ليل نهار، يسعد ويفرح بقدوم طفله الأول الي الدنيا، والذي يعتقد أنه سوف يملئها عليه فرحا وغبطة ومرح وسرورا، وهو كذالك، بل ويخفف من وطأة المعاناة التي يعانيها، وهو لا يعلم ولا يدرك ولا حتي يفكر، في أن مقدم هذا الطفل الي الحياة، هو إيذانا بقرب خروجه منها، فكلما كبر ابنه وشب عن الطوق، كلما وهن عظمه وابيض شعره – حتي ولو سبغه – وطاله العجز والضعف والهزلان، من كل الأنحاء، وهذا إعلان وإيذانا، بقرب نهايته، وخروجه من الحياة، فالأبن الذي أتي من أجل أن يملئ عليه الحياة، أتي كي يخلعه من الحياة، رويدا رويدا، دون قصد أو ترتيب، من الوالد والمولود، ولكنها اقدار الله يسيرها حيث يشاء.

وفي وسط هذا الضجيج الهائل الذي يملأ الحياة، ذهابا وايابا، ونوما وصحيانا،وحركة وسكون، وسعي وراحة، وجد واجتهاد، من أجل تحسين الحال، والنهوض الي الأمام، وعدم العودة الي الخلف دوران، تجد الإرتحال من طبيعة الإنسان، ليس في الدنيا فقط، وإنما في إنتقاله من مرحلة الي مرحلة مكملة لسابقتها ومختلف عنها، في الهيئة والشكل والبنيان، فالجنين يصيرا وليدا ، والوليد يصير طفلا، والطفل يصبح صبيا، والصبي يصبح فتي، والفتي يقبل علي البلوغ رغم عن انفه، ثم يصير شابا فرجلا الي منتصف العمر ثم كهلا ثم شيخا، وفي النهاية، ينتهي به المطاف الي الخروج من الدنيا، بخفي حنين، أو بطاعة ولطف من خفي الألطاف، وفي كل هذه المراحل التي يمر بها في حياته، يحتاج الي العناية والرعاية، كما أنه يحتاج الي النموا والغذاء.

فالحيوانات تضحي باستبسال بكل ما تملك، من حياتها، من أجل أن تقدم نفسها قربان، تحت أقدام الإنسان، فتفقد حياتها طواعية، من أجل أن توفر لهذا الإنسان، الغذاء اللازم من أجل البقاء، علي قيد الحياة، ويستمتع هذا الإنسان بكل مالذا وطاب، من لحوم والبان، وجلود، تيسر وتسهل له الحياة ، وتخفف عنه كل الأعباء، وتقلل من متاعبه ومعاناته في البحث عن الطعام ، فهل للإنسان قيمة، في غياب وتغييب الحيوان، وماذا يصنع الإنسان لو إندثر الحيوان وانقرض من الحياة ، ساعتها ستتضاعف المعاناة، وستحل عليه كل الأمراض، وقد تنهي حياته من الوجود، والتي سوف تصبح في خبر كان.

وعليه تتدافع اللحوم وتنهال علي بني الإنسان، بكل ماتحويه وتحتويه من كل البروتينات والدهون والكربوهيدرات والمعادن والفيتامينات، التي تحتوي علي كل العناصر الحيوية اللازمة لبقاء الإنسان، حيا علي ظهر هذه الحياة، في الطيور والأسماك، بكل انواعها واشكالها واحجامها، واختلاف الوانها وطعمها، مما يعطي الحياة، طعم، في كل هذه الأطباق الشهية، التي يتذوقها ويأكلها منها، ويعيش عليها بني الإنسان، وهو حتي لا يذكر ولا يتذكر فضل المنعم المنان، الله، العزيز الوهاب.

أما النباتات، فهي تقدم لبني الإنسان، كل اسباب الحياة، ولولاها ، ما بقي إنسان واحد علي ظهر الأرض، بعد أن فقد وافتقد الي بهجة الحياة، في الزروع والثمار، التي يعيش عليها، هو والحيوان، فلا مقام إذا للإنسان والحيوان، في غياب وتغييب النبات، الذي يتغذي عليه الإنسان والحيوان ، ويمدنا بالأكسجين اللازم للحياة، وينقي البيئة من كل الملوثات، ويحافظ علي حرارة الأرض، ويحميها من كل الأفات، القادرة، علي إنهائها، في سويعات، فهل نظرا احدنا الي النباتات نظرة أحترام وتقدير وامتنان ؟ علي ما تقدمه لبني الإنسان، أو نظر اليها نظرة تدبر واعتبار واتعاظ ؟، وهل وقفنا امام إنباتها، واخراجها لكل الثمرات، واستمرارها، كل هذه الدورات، دون فتور، أو تعب أو إرهاق ؟، وهي تتمايل عن اليمين وعن الشمال والي الأمام والخلف ومن اعلي الي اسفل وفي باطن الأرض، مظهرة عظمة وابداع وروعة الخالق سبحانه وتعالي، في كل ماخلق وابدع، بعد إعطائها كل هذه المسوح من الجمال الخلاق، والأخاذ، لكل ذي عقل واعي، ولكل ذي قلب راسخ، مما يشعرك بعظمة وابداع الخلاق .

وهل نظر الإنسان بعمق في كل هذه الأشكال والألوان والأنواع من النباتات؟، ووو…، التي تأخذ بالألباب، وتجعل الإنسان العاقل، ينظر بوعي وحكمة واقتدار، الي هذه التشكيلة المذهلة من كل هذه النباتات، المختلفة في اللون والطعم والرائحة والمذاق، والمتنوعة في الفوائد الصحية المختلفة  التي تحافظ علي كيان هذا الإنسان، وتحفظه من كل الأفات، وتقوي من جهازه المناعي، القادر علي الفتك بكل الفيروسات والميكروبات والطفيليات، وكل الخلايا الغريبة القادرة علي انهاء حياة الإنسان في سويعات، فلولها ماكانت هنا حياة يحياها الإنسان.

وهل فكر احدنا في الحكمة من خلق هذه النباتات، بفسائلها، وبذورها ؟، والتي بدونهما، تنقرض النباتات، وتختفي، ومعهما الحياة، ويضيع ويختفي الإنسان والحيوان ويفقد بهجة الحياة، وهل علم الإنسان الحكمة من تناول هذه الزروع والثمار بعد نضوجها ؟، وليس قبل ذلك، ولو وضعت الحلاوة فيها، قبل نضوجها، لأكلها الإنسان مبكرا، قبل أن تكون لها بذرة ناضجها، تستطيع أن تنجب مثلها، تماما مثل الإنسان، الذي لا يمكن أن ينجب مثله، إلا بعد وصوله الي سن البلوغ، وظهور الحيوان المنوي عند الرجال، والبويضة عند السيدات، وبعدها تنقرض هذه البذور، وتختفي تلك الثمار، سبحان الخلاق العظيم، الذي يضع سره في أضعف خلقه من البذور والثمار.

واكمالا واستكمالا لهذا المشوار، وتلك السلسلة المتصلة الحلاقات، من الإنسان الذي لا يمكن أن يعيش بجنسه وحده، ككأن حي في هذه الحياة، دون الإعتماد علي وجود الحيوان والنبات، عنصري استبقاء حياته، في هذه الحياة، واستدراك لأهمية جميع الكائنات الحية لحياة الإنسان، فإن الجماد يتميز بأهميته القصوي في وجود واستمرار كل الكائنات السابقة في هذه الحياة، من الإنسان والحيوان والنبات.

فلا حياة لكل هذه الكائنات الحية بدون الجماد، الذي ظاهره جماد لا حراك فيه، وباطنه كلها حياة، فالماء والهواء والجبال والسماء والأرض، والشمس والقمر والنجوم، والكواكب، والكون الواسع الشاسع، والفضاء، فكل هذه المخلوقات تنتمي الي الجماد، الذي يضبط الميزان، ويحافظ علي دفة الحياة، ويمنعها من الإنقلاب، في وجود كل هذه الأمواج الهادرة، والسيول المندفعة، والفياضانات العاتية، التي توشاك من الإنقضاض علي الأرض فتحولها الي أنقاض، أو تسقط السماء علي الأرض، فتحولها الي هشيم تذروه الرياح، بعد أن تتشقق السماء وتهوي علي الأرض، وبعد أن تفقد الجبال توازنها، إيذانا بانتهاء الحياة علي وجه الأرض، وقيام الساعة علي رؤس الأشهاد.

فهذه الدائرة المتصلة من المركز والأطراف، والتي تصب في نهاية المطاف، في صالح هذا الإنسان المكرم الذي ستر عورته، ووهبه الله الحياة ، وقدر له الأقدار، في سلسلة متصلة الحلقات، فلا حياة، بدون وجود عنصر واحد من عناصر الجمادات المختلفة، فكلها لازمة وضرورية، لإبقاء واستبقاء الحياة، وغياب أي عنصر منها، أو حدوث اختلال له، معناه، نهاية حياة الإنسان علي هذه الحياة، فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وفي كل الأوقات.

إذا فالبرغم من تكريم الله للإنسان، وجعله خليفته في أرضه، الإ إنه لا يستطيع أن يعيش لوحده، ولا يتمكن أن يدير أمور حياته بنفسه ومع نفسه، حتي في وجود الأسرة والمجتمع والإنسانية، فهو في حاجة ملحة ودائمة الي الكائنات الأخري، من حيوانات ونباتات وجمادات، التي تسد حاجته من الغذاء والماء والهواء، وتمنحه الحياة في كل اللحظات .

وبناء علي كل الذي فات، فالتوافق والإتفاق، والتلاقي والإنضباط، والإنسجام، سمة مميزة أصيلة، وظاهرة واضحة، في كل الكائنات، التي قبلت الإنصياع لأوامر الله دون اختيار،  فقبلت طائعة دون إجبار، لأوامر الله الواحد القهار، أم الإنسان المكرم، فقد فشل في الإختيار، ورسب في الإمتحان، فبدلا من أن يحدث التوافق والإتفاق، ويتجانس مع كل الكائنات، في هذه الحياة، خرج عن هذه القاعدة وشذ عن الأفاق، فأفسد كل شئ، دون ادني إعتبار لأهمية الإختيار الذي قبله مختار، فظلم نفسه، وأوقعها في مأزق خطير يكاد يقضي عليه، ويفقده الحياة الدنيا، ومعها الحياة الأخرة، دون أدني إعتبار، لأهمية الحياتين في الميزان.

وبدلا من تتأصل في الإنسان معالم الحرية والخيرية وحب الخير لأخيه الإنسان،  وتتسق وتتناسق، مع طبيعة خلقه ووجوده في هذه الحياة، ككأن حي له حقوق وعليه واجبات، تأصلت فيه  المعاناة، وتناثرت الكراهية في قلوب العباد، فتداعت عليه كل المنغصات، من كل الإتجاهات، والتي بدورها تحولت الي مشاكل عصية علي الحل، بفعل الفردية والأنانية، والإنفراد بالرأي، في إتخاذ القرارات، مع أن هذا ضد ابسط قواعد وجوده في الحياة، وفي تعاونه مع باقي الأجناس .

فتتداعي عليه الأحداث من كل حدب وصوب، ويفتح علي نفسه النار من كل الإتجاهات، فتحدث المواجهات بين بني البشر، بالرغم من إنتسابنا جميعا نحن البشر الي اب واحد وأم واحدة، ونتشابه معهما في الشكل والمظهر والقوام، والجينات الوراثية، ونعيش جميعا علي أرض واحدة، وهبها لنا الخلاق، وبالرغم من كل هذا الإنتماء الواحد، الذ ي يجمعنا اكثر مما يفرقنا، والذي يقوينا اكثر مما يضعفنا، والذي يرشدنا أكثر مما يغوينا، وبه نحمي بعضنا البعض، ونتمكن من اجتياز غمار الحياة، بمعاناتها والامها، بحلوها ومرها، بخيرها وشرها، مع أمالنا وتمنياتنا، في غد افضل يتسم بالأمن والأمان والإستقرار، لكل بني البشر .

تجد الخلافات الشديدة العصية والمستعصية علي الحل، بين بني البشر، علي أشدها  وتجد التنافر والتصارع والمواجهة في قمتها ، وفي كل خطوة يخطوها في أي اتجاه، بين الإنسان وذات نفسه هو أولا الأمارة بالسوء منها والأمارة بالخير، وبين الإنسان واخيه الإنسان، وتجد الشد والتجاذب، وحتي الخصام والتقاطع، والمقاطعة والتنافر، سمة مميزة، وصفة اساسية، ملتصقة به التصاق الروح بالجسد،  بين أفراد الأسرة الواحدة، أو بين مجموع الأسر، الذين يكونون اللبنة الأولي للمجتمع الواحد، ويذهب التناحر، إلي أبعد مدي في المجتمع الواحد ، فيعتدي أحدنا علي حرية الأخر، ويحجر علي رأيه وفكره، ويمنعه من التعبير عن رأيه الحر،  من أجل سيادة الأنانية والشخصنة وحب الذات، وتفشي الصراعات وحتي السجن والتعذيب والقتل علي نوصي الشوارع والحارات، بحجة مقاومة العنف والأرهاب.

فتحول الإنسان من النقيض الي النقيض، من الحب والود والتفاني، في خدمة أحدنا للأخر، والتقارب والتلاقي والتكامل، فيما يجمعنا من أجل الحفاظ علي مصالحنا جميعا، ويعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه، لأن المصلحة واحدة في نهاية المطاف، دون أن يظلم أحدنا الأخر، أو يعتدي علي حق من حقوقه، أو ينقصه هذا الحق، أو يستعبده من أجل مصلحته الشخصية، دون أن يأخذ حقه، ودون أن يضع  مصلحته في الإعتبار.

فأصبحت القطيعة والخصام هما الأصل، وأصبح التواصل والترابط هما الإستثناء، وسار كل واحد منا في هذه الحياة، في طريق، عندما يتقاطع مع طريق الأخر، تحدث الإشكالات، والتيي تتطور الي خلاف وخصام،  ثم تنتهي بالمواجهة والحروب، التي تذهق فيها ارواح عشرات الملايين من بني البشر، دون ذنب اقترفوه، سوي أنهم ينتسبون الي هذا الجنس البشري، المفترض فيه التميز بالعقل والفطنة، والعاطفة والحكمة، وفصل الخطاب، فإذا به يتمرغ في الوحل ويعوم في الفساد، ويغوص في أعماق الظلم والطغيان، دون أن يكون عنده مبرر، يبرر له كل الذي فات ، سوي أنه قد خرج من إنسانيته ومن إنتمائه الي الجنس البشري، خروج الشعرة من العجين، ومع ذلك يظل يعتقد أنه بشر ينتمي الي البشرية، التي أذاقها الأمرين، بسبب جهله وتخلفه، وعدم إدراكه لأهمية وقيمة  الحياة، وقدسية الحفاظ عليها، بين بني البشر، من أجل استمرار الحياة.

وعليه فإن إجتيازهذه المرحلة الدنيوية بنجاح، هو الذي سوف يحدد المسار والإتجاه في الأخرة، القادمة حتما علي ميعاد، لكل بني البشر بمختلف الدرجات وتعدد المسئوليات، التي منحها لنفسه، الإنسان الجشع والطامع في ملذات وشهوات الدنيا، علي حساب مصالح الناس، في أغلب الأحوال، مهما راوغ الإنسان، ومهما خدع نفسه وخادع الأخرين، من طول بقاءه في الحياة، ومهما ارتكب من جرائم الغش والتزوير، واكل حقوق الناس بالباطل، من أجل أن يحقق مصلحة أنية، فيصبح الباطل حقا والحق باطل، دون دليل أو برهان، سوي الكذب والفجور، والضلال والإضلال،  من أجل إشاعة الأنانية والفردية، والشخصنة وحب الذات، وتوزيع الترهات، من أجل أن يظل في السلطة سنوات، يتحكم في رقاب العباد، ويعيش في رفاهية ونعيم، تاركا وراءه شعبه الفقير، يأن ويشكي ويشتكي الي الله، ظلم هؤلاء الطغاة، الذين لم يعتبروا من مصير من سبقوهم، ودفنوا في التراب، حتي أصبحوا تراب.

دعوة

إنها دعوة الي كل الناس في هذه الحياة :

دعوة الي معرفة الله سبحانه وتعالي خالق الإنسان وواهب الحياة .

ودعوة الي معرفة حقيقة خلق الإنسان وارتباطه بهذه الحياة.

ودعوة الي إدراك أهمية دور الإنسان في هذه الحياة.

ودعوة الي الإحترام والتقدير المتبادل بين الإنسان وسائر الكائنات الأخري.

ودعوة الي الإقرار بفضل وخير ونعم الله سبحانه وتعالي علي بني الإنسان.

ودعوة الي الشهادة بوحدانية الله في كل الأحوال.

ودعوة الي عدم قدرة الإنسان في الإستغناء عن الله.

ودعوة الي تفويض أمر الإنسان  الي الله خالقه ورازقه .

ودعوة الي معرفة الإنسان للبداية والنهاية في هذه الحياة .

ودعوة الي فهم حقيقة ما بين دفتي البداية والنهاية.

ودعوة الي تصفية الخلافات بين كل الناس.

ودعوة الي تنقية قلوب الناس من الأحقاد والكراهية .

ودعوة الي تقوية الروابط الإجتماعية بين الناس.

ودعوة الي تدعيم الثقة والحب المتبادل بين الناس.

ودعوة الي التلاقي والتوافق والتقارب بين كل الناس.

ودعوة إلي إصلاح الحال واجتماع الناس علي كلمة سواء.

ودعوة الي التمسك بالأخلاق الفاضلة التي خلق من أجلها الإنسان.

ودعوة الي القيم النبيلة التي يجب أن يعرف بها الإنسان.

ودعوة الي سترة عورة الإنسان التي يتميز بها عن سائر المخلوقات.

ودعوة الي اشاعة الحب والرضا والتسامح بين الناس.

ودعوة الي نشر الفضيلة والتمسك بها من اجل الحفاظ علي كل الناس.

ودعوة الي معرفة حقيقة الإنسان ومدي ارتباطه بالحياة.

ودعوة الي التأمل في أهمية الحياة للإنسان.

ودعوة الي التفكير في قيمة الحياة للإنسان.

ودعوة الي النظر في كل ما يحيط بالإنسان في الحياة من حياة.

ودعوة الي استيعاب الإنسان للحياة .

ودعوة الي ارتباط الإنسان مع الحياة.

ودعوة الي تواصل الإنسان بالحياة.

ودعوة الي حب الإنسان للحياة.

ودعوة الي إدراك معني الحياة بالنسبة للإنسان.

ودعوة الي الوقوف علي إختيارات الإنسان في هذه الحياة.

ودعوة الي معرفة سبب خلق الإنسان في هذه الحياة.

ودعوة الي معرفة أصل خلق الإنسان وعلاقته بالحياة.

ودعوة الي معرفة الأصل المادي  والترابي للإنسان.

ودعوة الي معرفة الأصل الروحي والنوراني للإنسان.

ودعوة الي معرفة العلاقة بين المادة والروح  في هذه الحياة.

ودعوة الي العودة بالإنسان إلي إنسانية الإنسان.

ودعوة الي ارتباط الإنسان بالحياة في الدنيا.

ودعوة الي خلافة الإنسان لنفسه في الحياة.

ودعوة الي تقوية وتقويم معرفة الإنسان بالله الواحد القهار.

ودعوة الي معرفة اهمية الكائنات الأخري للإنسان في هذه الحياة ولولاها ما كان إنسان علي ظهرالحياة مثل الحيوانات والنباتات والجمادات ودعوة الي إستيعاب حقيقة العلاقة بين الحياتين، الحياة الدنيا والحياة الآخرة.

نستوعب – نفكر- نعقل – نحتوي – نتدبر – نتأمل – نتذكر- نعلم – نشعر – نحس – نتفاني

– نعقل – نحتوي – نتدبر – نتأمل – نتذكر- نعلم – نشعر – نحس – نتفاني

ودعوة إلى استيعاب الإنسان للحياة .    وكانت السبب في حياته علي الأرض

مراحل الإنسان في الدنيا

مراحل الإنسان في الآخرة

Human and life

1-الله

2-الأنبياء

الإنسان ونفسه :

يأتي الإنسان الي الدنيا بسبع ويخرج منها بفس السبع دون زيادة أو نقصان فهل من معتبر ؟

  • حفرة : انتقلت من حفرة الي حفرة فانتقلت من حفرة في بطن أمك الصغيرة

تسمي الرحم الي حفرة  في باطن أمك الكبيرة تسمي الأرض

  • عريان : أتيت الي الدنيا وانت عريان وستخرج منها وانت عريان
  • تبكي : أتيت الي الدنيا وانت تبكي وستخرج منها وانت تبكي
  • المصير : أتييت الي الدنيا ومصيرك مجهول وستخرج منها ومصيرك مجهول

إلا إذا كنت علي يمين الواحد

  • رغم عن انفك: أتيت الي الدنيا رغم عن أنفك وستخرج منها رغم عن انفك
  • وحيد:  وستخرج منها وحيدا
  • اسمك : أتيت الي الدنيا بدون اسم وستخرج منها بدون اسم

 

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب جامعة الأزهر.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق