(1) أبجديات التعليم في الإسلام.. العلق- القراءة- القلم
يُخطئ من يعتقد أنه يمكن الاستغناء عن القراءة في كتاب أو إلغاء القلم في الكتابة، لأن كل من القراءة والقلم يمثلان أدوات العلم والمعرفة في القرن الحادي والعشرين وإلى قيام الساعة.
القراءة في كتاب أداة وركيزة من أدوات العلم والكتابة بالقلم تُسجل هذا العلم والمعارف في كتاب، تدرسه الأجيال، ويمكن العودة إليه في أي وقت من الأوقات.
القراءة والعلق والقلم
الذي يلغي القراءة في كتاب أو الكتابة بالقلم يستغني عن العلق في صورة إنسان، ويكون مصيره الجهل والتقليد والأمية، بعد أن فقد أساس العلم والمعرفة التي تدير العقول بالعلم وتفتح لها آفاق رحبة بالعلم، المستنبط من العقل، ومفرداته في الفكر والفهم والتدبر والتذكر، حتى يتمكن من التطوير والإبداع والابتكار، بعيدًا عن التقليد والجري وراء الآخرين، الذين لا يُعطونه سوى بعض من مخلفات التخلف، وبقايا من مخلفات التقدم والفتات الذي لا قيمة له في بناء الأمم وتقدم الشعوب.
وبالرغم من التقدم الحاصل في كل مجالات القراءة والكتابة على مستوى العلم بعيدًا عنَّا، بعد أن تقاعسنا في مجال التعليم، وتخلفنا في مجال البحث العلمي، بعد أن اعتبره البعض، لافتة توضع على باب مؤسسة، خالية الفواض من العلم والبحث فيه، بالرغم من الادعاء الملازم للمؤسسات على غير الحقيقة والواقع.
فتوفر كل أشكل الدعم وعناصر القراءة والكتابة على شاشات الكمبيوتر العامة وعلى الكمبيوتر الشخص وعلى الموبايلات في كل وسائط العلم والمعرفة، وفي كل وسائل التواصل الاجتماعي إلَّا أنَّ القراءة في كتاب والكتابة في قلم تظل محور العلم والتعليم.
فلولا القراءة ما وجدت الكتابة، ولولا الكتابة ما وجدت القراءة فهما وجهان لعملة واحدة كالروح والجسد.
إعجاز في أهمية الحفاظ على الثلاثة كلمات
ومن هنا كان أهمية الحفاظ على هذه الثلاثة كلمات فكلها إعجاز، افتتح الله سبحانه وتعالى بها كتابه الكريم ووردت جميعها في أول سورة نزلت من القرآن الكريم، عنونت بعنوان سورة العلق، وهذه الكلمات الثلاث تحمل في طياتها كل مفاتيح العلم والمعرفة، التي وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان إلى قيام الساعة.
وتؤكد بما لا يدع مجال للشك أن هذا القرآن الكريم، نزل بوحي من عند الله سبحانه وتعالى على محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا يؤكد أن مصدر العلم وينبوعه الأصلي، كان من عند الله سبحانه وتعالى بعد أن علم آدم عليه السلام الأسماء كلها، وبعد أن تلقى آدم الكلمات من ربه بمدلوهما العلمي.
ما يؤكد أن كل حرف وكل كلمة وكل آية وكل جزء وكل حزب وكل سورة من سور القرآن الكريم، البالغة مائة وأربعة عشر سورة، لها مدلول علمي واقع على أرض الواقع، لا يُنكره إلا سفيه أو ناقص العقل وفاقد للإنسانية والدين.
وإذا كان عنوان سورة العلق لها مدلول طبي فإن القراءة لها مدلول علمي بها ينمي الإنسان قدراته ومواهبه المختلفة، والقلم يثبت هذا العلم الذي قرأه الإنسان وتعلمه بالكتابة في كتاب.
ما يؤكد تلازم الكلمات الثلاثة العلق الذي خلق منه الإنسان مع القراءة التي يتعلمها الإنسان والقلم الذي يكتب به الإنسان كل شيء في حياته.
بل والأعجب من كل ذلك، أن الوحي الذي نزل به جبريل عليه السلام، من عند الله سبحانه وتعالى، بالآيات على محمد صلى الله عليه وسلم، والتي بلغ عددها ستة آلاف ومائتين وستة وثلاثون آية، سميت بمسمى علمي مشتق من القراءة، فأخذت عنوان القرآن، وأخذ مسمى علمي مشتق من الكتابة بالقلم فكان عنوانه الكتاب.
القرآن الكريم مليء بالمعارف
وهذا فيه إعجاز هائل، فالربط بين اسم الكتاب وهو القرآن الكريم وبين العلق والقراءة والقلم، في مطلع أول سورة منه، يؤكد أن محتوى هذا الكتاب مليء بالعلم والمعارف عن آخره وأن ذلك القرآن يحتوي على كل أصول العلم والمعرفة منذ خلق الله سبحانه وتعالى، خلق الكون وخلق أدم عليه السلام، إلى قيام الساعة، لأنها تنبع من المعلم الأول للعلم، خالق الكون وموجد الإنسان، وهو الله سبحانه وتعالى.
ويؤكد أن كل ما في القرآن الكريم من علوم ومعارف المعروف منها وهو قليل القليل والمجهول منها، وهو كثير الكثير يمثل حقائق علمية ثابتة، جديرة بالتأمل والتوقف عندها طويلًا، من أجل استنباط معانيها، المستورة في أحرف القرآن الكريم والمطمورة في كلماته، والمجموعة في آياته المعجزة.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
2 تعليقات