مقالات

(36) قيم… رمضانية

نلاحظ أن الإسلام لا يهتم برعاية الجسد فقط وإنما تعدى إلى الاهتمام برعاية الروح والتي تتبدى في الحفاظ على السبع المنقذات والتي تغذي الروح وتقوم البدن في نفس الوقت في الحرية والعدالة والصدق والأمانة والشفافية والمساواة والرقابة، فتعطي لأفراد المجتمع متنفسًا في الحياة وتحيطه بسياج من الأمن والأمان والاطمئنان وتحفظ استقراره وعليها وبها يعتمد المجتمع في تقدمه ورخاءه من عدمه وتكون دعامة قوية من دعائم البناء والتنمية.

وحصن للمجتمع المسلم وحمايته من السلوك المنحرف والدخول في دائرة الهلاك والإصابة بكل الأمراض التي أتى الإسلام ليخلص منها المجتمعات، فأصابتها بكل الأمراض حتى أنهكتها فوقعت في فخ الانحراف والضياع، فخسرت الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران الذي ليس بعده خسران.

ومن ثمَّ تقع الحرية في مركز دائرة اهتمام الإسلام، فكانت حرية الاعتقاد تأتي على رأس كل الأولويات، فالبرغم من أن الإيمان بالله يعتبر رأس الأمر كله إلا أن الإسلام لم يكن بعيدًا عن وضع الأسس القويمة والقواعد المتينة اللازمة لحرية العقيدة والاعتقاد، فترك للناس حرية الاختيار في قمة العقيدة المتمثلة في الإيمان بوحدانية الله من عدمه.

اهتمام الإسلام بالحفاظ على السبع المنقذات

فلا بأس على الإنسان المكلف من الإقرار بوحدانية الله والإيمان بعدما رأى أفضال الله عليه وكرمه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى منذ أن أتى إلى الحياة، فوجود كل شئ معد لخدمته والحفاظ على حياته وراحة باله وجميع المخلوقات في خدمته استبقاء لحياته من كون وأرض حتى يعتبر الإنسان ويتعظ من تقنية خلقه ويعلم مصيره ويعرف حقيقة نفسه ووجوده في هذه الحياة وأنه أضعف مخلوقات الله إذا قدرت بمعنى الزمان والمكان ولكنها نعمة العقل والجنان وحرية الاختيار كانت تميزًا له عن سائر المخلوقات.

وفي نفس الوقت لا بأس على الإنسان المكلف أن ينكر وجود الله أو يتكبر على الإيمان بوحدانيته أو يجعل له ندًا أوشريكًا، فله حرية الاختيار بالرغم من أن نعم الله عليه ظاهرها وباطنها واضحة وظاهرة للعيان لا ينكرها إلا سفيه أو جاحد لا يؤمن بمرادات الله وعطاياه في الكون والحياة.

فهو لا يدرك، أن اللقاء قادم مع الله بنهاية الحياة، فكما أتى إلى الحياة وحيدًا سوف يتركها وحيدًا لا معه مال ولا أهل ولا أصدقاء ولا أحباب وفي الآخرة سوف يكون الثواب والعقاب، هو المعيار إن كان خيرًا فخيرًا وإن كان شرًا فشرًّا فالحكم نهائي دون محامٍ ولا مرافعات ولا تأجيل إلا ما كان من عمل ودون استئناف ولا يفوتنا أن نؤكد أن العدالة محور استقامة المجتمع واعتدال حياة الإنسان في كل وجه من أوجه الحياة مع نفسه ومع أسرته ومع جيرانه ومع أفراد المجتمع الذي يعيش فيه ويتعامل معه على مدار عمره وبها يضبط الميزان، فتنضبط سلوكه في كل أحواله وبالعدالة يشيع الأمن والأمان، ويتبوأ الاستقرار والإطمئنان مكانة مرموقة وعالية في جنبات المجتمع.

وهذه القيمة الرمضانية العظيمة السادسة والثلاثون والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان، في الدائرة الثانية في الدنيا عن أهمية الحفاظ على الحرية والعدالة والصدق والأمانة والشفافية والمساواة والرقابة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق